الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَطْوِي ٱلسَّمَآءَ كَطَيِّ ٱلسِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } * { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } * { إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } * { قُلْ إِنَّمَآ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ ءَاذَنتُكُمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ وَإِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ } * { إِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلْجَهْرَ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ } * { وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱحْكُم بِٱلْحَقِّ وَرَبُّنَا ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ }

القراءة: قرأ أبو جعفر تطوي بالتاء والضم السماء بالرفع والباقون نطوي بالنون السماء بالنصب وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر للكتب على الجمع والباقون للكتاب وقرأ حفص قال رب والباقون قل ربي وقرأ أبو جعفر رب احكم بضم الباء وقرأ زيد عن يعقوب ربي احكم وهو قراءة ابن عباس وعكرمة والجحدري وابن محيصن والباقون رب احكم وفي الشواذ قراءة الحسن كطي السجل بسكون الجيم وقراءة أبي زرعة بن عمرو السجل بضم السين والجيم وتشديد اللام وقراءة أبي السماك السجل بفتح السين وسكون الجيم. الحجة: من قرأ يوم تطوي السماء فبنى الفعل للمفعول به ومن قرأ يوم نطوي السماء فالفاعل هو الله سبحانه والمعنى واحد في أن انتصاب يوم وجهان عند أبي علي أحدهما أن يكون بدلاً من الهاء المحذوفة من الصلة ألا ترى إن المعنى هذا يومكم الذي توعدونه والآخر: أن يكون منتصباً بنعيده والمعنى نعيد الخلق عادة كابتدائه أي كابتداء الخلق ومثله في المعنىكما بدأكم تعودون } [الأعراف: 29] وتقديره كما بدأ خلقكم يعود خلقكم فحذف المضاف في الموضعين وأقام المضاف إليه مقامه والمعنى يعود خلقكم عوداً كبدئه ومثله في المعنى { كما بدأنا أول خلق نعيده } [الأنبياء: 104] ومن أفرد الكتاب ولم يجمع فإنه واحد يراد به الكثرة ومن قرأ للكتب فإن المراد به الجمع ومن قرأ قال رب أراد قال الرسول ومن قرأ قل فهو على قل أنت يا محمد وقراءة أبي جعفر رب احكم معناه يا رب احكم وهي ضعيفة عند النحويين البصريين وقد جاء مثله في المثل وهو قولهم أصبح ليل وأطرق كراً وافتد مخنوق أي يا ليل وياكروان ويا مخنوق وقد جاء في الشعر وهو:
عَجْبِـتُ لِعَطَّــارٍ أَتانـا يَسُومُنـا   بِـدِسْكِرَةِ المَـرَّانِ دهـنَ البَنَفْسَجِ
فَقُلْـتُ لَـهُ عَطَّــارُ هَـلاّ أتَيْتَنا   بِنَوْرِ الخَزامى أَوْ بِخَوْصَةِ عَرْفَجِ
أرأد يا عطار ومن قرأ رب احكم فالمعنى ظاهر. الإعراب: الكاف في قوله { كطي السجل } في محل النصب لأنه صفة مصدر محذوف تقديره نطوي السماء طيّاً مثل طيّ السجل فإن كان السجل اسماً للصحيفة فالمصدر الذي هو طي مضاف إلى المفعول في المعنى وإن كان اسم ملك أو كانت فهو مضاف إلى الفاعل في المعنى فإن كان مفعولاً كان اللام بمعنى من أجل وإن كان فاعلاً كان اللام للإختصاص وعدا علينا منصوب على المصدر. قال الزجاج: لأن قوله { نعيده } بمعنى قد وعدنا ذلك والأجود أن يقدّر عاملاً محذوفاً لأن القرّاء يقفون على قوله { نعيده } قال جامع العلوم الكاف في كما بدأنا من صلة نعيده وإن كان متقدماً ومثله كما علَّمه الله فليكتب رحمة للعالمين نصب على الحال أو على أنه مفعول له وإنما إلهكم إله واحد في محل رفع بإسناد يوحي إليه وقيامه مقام الفاعل وعلى سواء في موضع نصب على الحال من الفاعلين والمفعولين والتقدير أذنتكم واستوينا نحن وأنتم فيكون الحال من الفريقين ما توعدون في موضع رفع بأنه فاعل قريب لأنه اعتمد على همزة الاستفهام فهو كقولهم أقائم أخوك ويجوز أن يكون مبتدءاً وقريب خبره وعلى الوجهين فهما مفعولاً أدري أي أعلم علقتهما همزة الاستفهام والتقدير أقريب ما توعدون أم بعيد فبعيد عطف على قريب والنية فيه التأخير.

السابقالتالي
2 3 4 5