الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَٱذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي ٱلْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ وَٱنظُرْ إِلَىٰ إِلَـٰهِكَ ٱلَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي ٱلْيَمِّ نَسْفاً } * { إِنَّمَآ إِلَـٰهُكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } * { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } * { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } * { خَالِدِينَ فِيهِ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً } * { يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } * { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً }

القراءة: قرأ ابن كثير وأهل البصرة غير سهل لن تخلفه بكسر اللام، وقرأ الضرير لن نخلفه بالنون وكسر اللام، وهو قراءة الحسن وقرأ الباقون لن تخلفه بفتح اللام، وقرأ أبو جعفر لنحرقنه بفتح النون وسكون الحاء وتخفيف الراء وهو قراءة علي ع وابن عباس، وقرأ أبو عمرو يوم ننفخ في الصور بالنون والباقون ينفخ بالياء وفتح الفاء، وفي الشواذ قراءة أبي حيوة لا مَساسِ وقرأ مجاهد وقتادة وسع كل شيء علماً وقرأ ابن عياض في الصور بفتح الواو. الحجة: قال أبو علي: أخلفت يتعدى إلى مفعولين لن تخلفه مثل لن تخلفه مثل لن تعطاه لما أسندت الفعل إلى أحد المفعولين فأقمته مقام الفاعل بقي الفعل متعدياً إلى مفعول واحد وفاعله الذي يخلف هو الله تعالى أو موسى ومعناه سيأتيك به ولن يتأخر عنك ولن تخلفه أي سيأتيك ولا مذهب لك عنه. وقال ابن جني: معناه لن تصادفه مخلفاً كقول الأعشى:
أثْـــوى وَقَصَّـــرَ لَيْـــلَةً لِيُزَوَّدا   فَمضى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدا
وهو وعيد والمعنى في قراءة لأولى أبين وأما نخلفه بالنون فالمعنى لن نخلفك إياه أي لن ننقص منه ما عقدناه لك وقوله لنحرقنه من قولهم فلان يحرق عليَّ الأُرَّم أي حكّ أسنانه بعضها ببعض غيظاً عليَّ قال زهير:
أبَى الضَّيْمَ وَالنُّعْمانُ يَحْرِقُ نابَهُ   عَلَيْــهِ فَأفْصى وَالسُّيُوفُ مَعاقِلُه
فكان لنحرقنه على هذا لنبردنه ولنحتنه حتاً يقال حرقت الحديد أي بردته فتحات وتساقط وقوله مساس مثل نزال وحذار. قال ابن جني: ولا يدخل على هذا الضرب من الكلام ما النافية بالنكرة فلا إذا في قوله لا مساس نفي للفعل كقولك لا أمسك ولا أقرب منك فكأنه حكاية قول القائل مساس فكأنه قال لا أقول مساس. قال الكميت:
لا هَمــام لـي لا هَمــامِ   
أي لا أقول همام ولا بد أن تكون الحكاية مقدرة ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول لا أضرب فتنفى بلا لفظ الأمر لتنافي اجتماع لفظ الأمر والنهي فالحكاية إذاً معتقدة مقدرة وأما قوله وسع كل شيء علماً فمعناه على ما قاله ابن جني أنه خرق كل مصمت بعلمه لأنه بطن كل مخفي فصار لعلمه فضاء متسعاً بعد ما كان متلاقياً مجتمعاً ومنه قوله تعالى:إن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما } [الأنبياء: 30] وهذا في العمل وذاك في العلم والوجه في قوله { ننفخ في الصور }فنفخنا فيه من روحنا } [التحريم: 12] وقوله فيما بعده ونحشر الوجه في الياء قوله يوم ينفخ في الصور ونفخ في الصور وأما قوله في الصُوَر فإنه جمع صورة وقد يقال فيها صير وأصله صور قال:
أشْبَهْنَ مِنْ بَقَرِ الْخَلْصاءِ أعيُنَها   فَهُنَّ أحْسَنُ مِنْ صيرانِها صِيَرا
وصِوَراً أيضاً.

السابقالتالي
2 3 4