الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ طه } * { مَآ أَنَزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ } * { إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } * { تَنزِيلاً مِّمَّنْ خَلَقَ ٱلأَرْضَ وَٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلْعُلَى } * { ٱلرَّحْمَـٰنُ عَلَى ٱلْعَرْشِ ٱسْتَوَىٰ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ ٱلثَّرَىٰ } * { وَإِن تَجْهَرْ بِٱلْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ وَأَخْفَى } * { ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ ٱلأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ }

بسم الله الرحمن الرحيم القراءة: قرأ أبو عمرو طه بفتح الطاء وكسر الهاء كسراً لطيفاً من غير إفراط وقرأَ أهل الكوفة غير عاصم إلا يحيى عن أبي بكر بكسر الطاء والهاء وكذلك عياش عن أبي عمرو والباقون بفتح الطاء والهاء، وروي عن أبي جعفر ونافع كهيعص وطه وطس وحم وآلر كله بين الفتح والكسر وهو إلى الفتح أقرب. قد مرَّ القول في الأمالة والتفخيم في الحروف فيما تقدم، والتفخيم لغة أهل الحجاز ولغة النبي صلى الله عليه وسلم. اللغة: الشقاء استمرار ما يشق على النفس ونقيضه السعادة والعلى جمع العليا ومنه الدنيا والدنا والقصوى والقصى والثرى والندى، والجهر رفع الصوت يقال جهر يجهر جهراً فهو جاهر والصوت مجهور وضده المهموس. الإعراب: روي عن الحسن أنه قرأ طه بفتح الطاء وسكون الهاء فإن صحّ ذلك عنه فأصله طأ فأَبدل من الهمزة هاء ومعناه طاءِ الأرض بقدميك جميعاً وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع إحدى رجليه في الصلاة ليزيد تعبه فأنزل الله { طه ما أَنزلنا عليك القرآن لتشقى } فوضعها وروي ذلك عن أبي عبد الله ع. قال الزجاج: ويجوز أن يكون طه أمر من وَطأ يطأ على قول من لم يهمز ثم حذفت الألف فصار طَ ثم زيدت الهاء في الوقت ويجوز أن يكون طه جارياً مجرى القسم فيكون { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } جواب القسم وقوله تذكرة مفعول له. لمن يخشى الجار والمجرور في موضع الصفة لتذكرة والأولى أن يكون مصدر فعل محذوف ويكون الاستثناء منقطعاً والتقدير لكن تذكرة وكذلك قوله تنزيلاً مصدر لفعل محذوف تقديره نزلناه تنزيلاً أو نزل تنزيلاً ويدل عليه قوله أنزلنا. المعنى: { طه } قد بيَّنا في أول البقرة تفسير حروف المعجم في أَوائل السور والاختلاف فيه، وقد قيل أن معنى طه يا رجل عن ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والكلبي غير أن بعضهم يقول هو بلسان الحبشية أو النبطية وقال الكلبي هي بلغة عك وأنشد لتميم بن نويرة:
هَتَفْتُ بِطه فيِ الْقِتالِ فَلَمْ يُجِبْ   فَخِفْــتُ لَعَمْـرِي أَنْ يَكُونَ مُوائِلا
وقال الآخر:
إنَّ السَّفــاهَةَ طــهَ مِنْ خَلايِقِكُمْ   لا بارَكَ اللهُ في الْقَوْمِ المْلاَعِينِ
وقال الحسن هو جواب للمشركين حين قالوا إنه شقي فقال سبحانه يا رجل: { ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } لكن لتستعد به وتنال الكرامة به في الدنيا والآخرة. قال قتادة: وكان يصلي الليل كله ويعلق صدره بحبل حتى لا يغلبه النوم فأمره الله سبحانه بأن يخفف على نفسه، وذكر أنه ما أنزل عليه الوحي ليتعب كل هذا التعب { إلا تذكرة لمن يخشى } قال المبرد: معناه لكن أنزلناه تذكرة أي لتذكرة من يخشى الله والتذكرة مصدر كالتذكير.

السابقالتالي
2