الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يٰمُوسَىٰ } * { فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَٱجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلاَ أَنتَ مَكَاناً سُوًى } * { قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ ٱلزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ ٱلنَّاسُ ضُحًى } * { فَتَوَلَّىٰ فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَىٰ } * { قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ ٱفْتَرَىٰ } * { فَتَنَازَعُوۤاْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَىٰ } * { قَالُوۤاْ إِنْ هَـٰذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ ٱلْمُثْلَىٰ } * { فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَىٰ } * { قَالُواْ يٰمُوسَىٰ إِمَّآ أَن تُلْقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ } * { قَالَ بَلْ أَلْقُواْ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ }

القراءة: قرأ أبو جعفر لا نخلفه بالجزم والباقون بالرفع، وقرأ أهل الحجاز وأبو عمرو والكسائي سِوى بكسر السين والباقون بضمها، وقرأ يومَ الزينة بالنصب هبيرة عن حفص وهي قراءة الحسن والأعمش والثقفي والباقون يوم الزينة بالرفع، وقرأ أهل الكوفة غير أبي بكر ورويس فيُسحِتكم بضم الياء وكسر الحاء والباقون فيَسْحَتكم بفتح الياء والحاء، وقرأ أبو عمرو أن هذين وقرأ ابن كثير وحفص أن هذان خفيف، وقرأ الباقون أنَّ هذان وابن كثير وحده يشدد النون من هذان وقرأ أبو عمرو فأجمعوا بوصل الهمزة وفتح الميم والباقون فأجمعوا بقطع الهمزة وكسر الميم، وقرأ ابن عامر وروح وزيد تخيل إليه بالتاء وهو قراءة الحسن والثقفي والباقون يخيل بالياء. الحجة والإِعراب: فأما قوله { لا نخلفه } بالجزم فإنه يكون على جواب الأمر والقراءة المشهورة بالرفع على أن يكون لا نخلفه في موضع النصب بكونه صفة لقوله موعداً وهو الظاهر وأما قوله { سوى } فإنه المكان النصف فيما بين الفريقين قال موسى بن جابر:
وَجَدْنا أبانـــاً كـــانَ حَــــلَّ ببَلْـــدَةٍ سِوى   بَيْنَ قَيْسِ عَيْلانَ وَالْفِزْرِ
قال أبو علي: قوله { سوى } فعل من التسوية فكان المعنى مكاناً مستوياً مسافته على الفريقين فيكون مسافة كل فريق إليه كمسافة الفريق الآخر وهذا بناء يقل في الصفات ومثله قوم عِدى فأما فُعَل فهو في الصفات أكثر قالوا دليل خُتَع ومال لُبَد ورجل حُطَم وأما انتصاب قوله { مكاناً } فلا يخلو من أن يكون مفعولاً للموعد إما على أنه مفعول به أو على أنه ظرف له أو يكون منتصباً بأنه المفعول الثاني ولا يجوز الأول ولا الثاني لأن الموعد قد وصف بالجملة التي هي لا نخلفه نحن وإذا وصف لم يجز أن يعمل عمل الفعل لاختصاصه بالصفة، ولأنه إذا عطف عليه لم يجز أن يتعلق به بعد العطف عليه شيء منه وكذلك إذا أخبر عنه لم يجز أن يقع بعد الخبر عنه شيء يتعلق بالمخبر عنه لم يجز سيبويه هذا ضارب ظريف زيداً ولا هذا ضويرب زيداً إذا حقر اسم الفاعل لأن التحقير في تخصيصه الاسم بمنزلة إجراء الوصف عليه وقد جاء من ذلك شيء في الشعر قال بشر بن أبي خازم:
إذا فاقِدٌ خَطْباءُ فَرْخَيْن رَجَّعَــتْ   ذَكَرْتُ سُلَيْمى في الْخَلِيطِ المُبايِنِ
ويحتمل ذلك على إضمار فعل آخر كما ذهبوا إليه في نحو قول الشاعر:
إنَّ العَرارَةَ والنّبُوُحَ لِدارِم   وَالْمُسْتَخِفَّ أخُوهُمُ الأثْقالا
فإذا لم يجز ذلك كان مفعولاً ثانياً لقوله { فاجعل } فيكون بمنزلة قولهجعلوا القرآن عضين } [الحجر: 91] ونحوه وأما يوم الزينة فمن نصبه فعلى الظرف كما تقول قيامك يوم الجمعة فالموعد إذاً هنا مصدر والظرف بعده خبر عنه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6