الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ } * { إِذْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ } * { أَنِ ٱقْذِفِيهِ فِي ٱلتَّابُوتِ فَٱقْذِفِيهِ فِي ٱلْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ ٱلْيَمُّ بِٱلسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِيۤ } * { إِذْ تَمْشِيۤ أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ مَن يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَىٰ أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ ٱلْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَىٰ قَدَرٍ يٰمُوسَىٰ } * { وَٱصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي } * { ٱذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْرِي } * { ٱذْهَبَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } * { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ }

القراءة: قرأ أبو جعفر ولتصنع بالجزم والباقون بكسر اللام والنصب وفي الشواذ قراء أبي نهيك ولِتَصنع بكسر اللام وفتح التاء. الحجة: قوله: { ولتصنع } بالجزم مثل قولهم ولتعن بحاجتي فالمأمور غائب غير مخاطب لأن العاني بالحاجة غير المخاطب وليس ذلك مثل قوله: { فلتفرحوا } فإن المأمور هناك مخاطب به ولتصنع على عيني. قال أحمد بن يحيى: معناه لتكون حركتك وتصرفك على عين مني وقراءة الفراء ولِتُصنعَ على عيني بضم التاء وفتح العين معناه لتربى وتغذى بمرأى مني. اللغة: أصل المنِّ القطع ومنهأجر غير ممنون } [فصلت: 8، الانشقاق: 25، التين: 6] وحبل منين أي منقطع فالمن نعمة تقطع لصاحبها من غيره، والمرة الكرة الواحدة من المر والقذف الطرح واليم البحر والاصطناع إفتعال من الصنع والصنع اتخاذ الخير لصاحبه وونى في الأمر يني ونيا وونىً إذا افتر فهو وان ومتوان فيه قال العجاج:
فَمــا وَنى مُحَمَّدٌ مُذْ أنْ غَفَرْ   لَهُ الإِلهُ ما مَضى وَما غَبَرْ
الإعراب: مرة ويحتمل أن يكون مصدراً ويحتمل أن يكون ظرفاً ويكون التقدير مرة أخرى أو وقتاً آخر. { ما يوحى } ما مصدرية وتقديره وأوحينا إلى أمك إيحاء وأن اقذفيه في موضع نصب بأنه مفعول أوحينا ولتصنع اللام يتعلق بألقيت أي لتربى ولتصنع وقوله على قدر في موضع النصب على الحال وتقديره جئت مقدراً ما قدر لك. المعنى: لمّا أخبر سبحانه موسى بأنه آتاه طلبته وأعطاه سؤله عدَّد عقيبه ما تقدَّم ذلك من نعمه عليه ومننه لديه فقال { ولقد مننا عليك مرة أخرى } أي أنعمنا عليك من صغرك إلى كبرك جارية نعمتنا عليك متوالية فإجابتنا الآن دعاك تلوها، ثم فسَّر سبحانه تلك النعمة فقال { إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى } أي حين أوحينا إلى أمك أي ألهمناها ما يلهم وهو ما كان فيه سبب نجاتك من القتل حتى عنيت بأمرك. وقيل كانت رأت في المنام عن الجبائي ثم فسَّر ذلك الإِيحاء فقال { أن اقذفيه في التابوت } أي اجعليه فيه بأن ترميه فيه { فاقذفيه في اليم } يريد النيل { فليلقه اليم بالساحل } وهو شط البحر لفظه أمر فكأنه أمر البحر كما أمر أم موسى، والمراد به الخبر والمعنى حتى يلقيه البحر بالشط. { يأخذه عدوٌّ لي وعدوٌّ له } يعني فرعون كان عدواً لله ولأنبيائه وعدواً لموسى خاصة لتصوره أن ملكه ينقرض على يده وكانت هذه المنة من الله سبحانه على موسى أن فرعون كان يقتل غلمان بني إسرائيل ثم خشي أن يفنى نسلهم فكان يقتل بعد ذلك في سنة ولا يقتل في سنة فولد موسى في السنة التي كان يقتل الغلمان فيها فنجاه الله تعالى منه { وألقيت عليك محبة مني } أي جعلتك بحيث يحبّك من يراك حتى أحبّك فرعون فسلمت من شرّه وأحبتّك امرأته آسية بنت مزاحم فتبنتك وربتك في حجرها عن عكرمة.

السابقالتالي
2 3 4