الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } * { إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى } * { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يٰمُوسَىٰ } * { إِنِّيۤ أَنَاْ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى } * { وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىۤ } * { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاۤ أَنَاْ فَٱعْبُدْنِي وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } * { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } * { فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَن لاَّ يُؤْمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَىٰ }

القراءة: قرأ أبو جعفر وابن كثير وأبو عمرو أني أنا ربك بفتح الألف والباقون إني بالكسر، وقرأ حمزة لأهله امكثوا وفي القصص أيضاً بضم الهاء وأنا مشدد مفتوح الهمزة اخترناك على الجمع والباقون لأهله بكسر الهاء وأنا اخترتك على التوحيد وقرأ ابن عامر وأهل الكوفة طوى بالتنوين والباقون بغير تنوين وفي الشواذ قراءة الحسن ومجاهد وسعيد ابن جبير أخفيها بفتح الألف الحجة: قال أبو علي: من كسر إني فلأن الكلام حكاية كأنه نودي فقيل يا موسى إني أنا ربك ومن فتح فكأن المعنى نودي بكذا ونادى قد يوصل بحرف الجر قال:
نادَيْتُ باسْم رَبيعَةَ بْن مُكَرَّمٍ   إنَّ المُنَوَّهَ باسْمِــهِ المَــوْثُـوقُ
ومن الناس من يعمل هذه الأشياء التي هي في المعنى قول كما يعمل القول ولا يضمر القول معها وينبغي أن يكون في نودي ضمير يقوم مقام الفاعل لأنه لا يجوز أن يقوم واحد من قوله يا موسى ولا إني أنا ربك مقام الفاعل لأنها جمل والجمل لا تقوم مقام الفاعل فإن جعلت الاسم الذي يقوم مقام الفاعل موسى لأن ذكره قد جرى كان مستقيماً وقوله طوى يصرف ولا يصرف فمن صرفه فعلى وجهين أحدهما: أن يجعله اسم الوادي فيصرفه لأنه سمي مذكراً بمذكر والآخر: أن يجعله صفة وذلك في قول من قال أنه قدس مرتين فيكون طوى كقولك ثنى ويكون صفة كقوله مكاناً سوى وقوم عدى وجاء في طوى الضم والكسر كما جاء في مكان سوى الضم والكسر قال الشاعر:
أَفيِ جَنْبِ بَكْرٍ قَطَّعَتْني مَلامَةً   لَعَمْــري لَقَدْ كانَتْ مَلامَتُها ثِنى
أي ليس هذا بأول ملامتها. ومن لم يصرف احتمل أمرين أحدهما: أن يكون اسماً لبقعة أو أرض فهو مذكر فيكون بمنزلة امرأة سميتها بحجر ويجوز أن يكون معدولاً كعمر ولا يمتنع أن تقدر العدل فيما لم يخرج إلى الاستعمال ألا ترى أن جمع وكتع معدولتان عما لم يستعملا فكذلك يكون طوى وأما ضم الهاء في قوله لأهله امكثوا فقد مضى القول في مثله وأما قوله وأنا اخترتك فالإفراد أكثر في القراءة وهو أشبه بما قبله من قوله إني أنا ربك ووجه الجمع أن يكون ذلك قد جاء في نحو قوله تعالى:سبحان الذي أسرى } [الإسراء: 1] ثم قال:وآتينا موسى الكتاب } [الإسراء: 2] ويمكن أن يكون الوجه في قراءة حمزة وإنا اخترناك مع أنه قرأ إني أنا ربك بالكسر أن يكون التقدير ولأنا اخترناك فاستمع فيكون الجار والمجرور في موضع نصب بقوله فاستمع ولم يذكر الشيخ أبو علي وقوله أخفيها فإنهم قالوا معناه أظهرها قال أبو علي الغرض فيه أزيل عنها خفاءها وهو ما يلف فيه القربة ونحوها من كساء وما يجري مجراه وعليه قول الشاعر:

السابقالتالي
2 3 4