الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ } * { وَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ } * { قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُواْ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ ٱلصِّرَاطِ ٱلسَّوِيِّ وَمَنِ ٱهْتَدَىٰ }

القراءة: وقرأ يعقوب وسهل زهرة بفتح الهاء والباقون بسكونها وقرأ أهل المدينة والبصرة وقتيبة وحفص أو لم تأتهم بالتاء والباقون بالياء. اللغة: { زهرة الحياة الدنيا } حسنها ويجوز فتح العين فيها والزهرة النور الذي يروق عند الرؤية ومنه يقال لكل شيء مستنير زاهر ومنه الحديث في صفة النبي صلى الله عليه وسلم كان أزهر اللون أي نيّر اللون والزهراوان: البقرة وآل عمران ويوم الجمعة يوم أزهر. الإعراب: قال الزجاج: زهرة منصوب بمعنى متعنا لأن معناه جعلنا لهم الحياة الدنيا زهرة لنفتنهم فيه أي لنجعل ذلك فتنة لهم ويجوز أن يكون حالاً من الهاء في به ويجوز أن يكون حالاً من ما متعنا به. ولو أنا أهلكناهم تقديره ولو ثبت إهلاكهم لأن لو يقتضي الفعل فيكون أنا أهلكناهم في موضع رفع بأنه فاعل الفعل المقدر ومن أصحاب الصراط السوي تعلق بقوله { فستعلمون } وهو مبتدأ وخبر وكذلك من اهتدى. النزول: قال أبو رافع: " نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فبعثني إلى يهوديّ فقال: " قل إن رسول الله يقول بعني كذا وكذا من الدقيق أو أسلفني إلى هلال رجب " فأتيته فقلت له فقال: والله لا أبيعه ولا أسلفه إلا برهن. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: " والله لو باعني أو أسلفني لقضيته وإني لأمين في السماء وأمين في الأرض اذهب بدرعي الحديد إليه " فنزلت هذه الآية تسلية له عن الدنيا. المعنى: { ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم } وقد فسّرناه في سورة الحجر. وقال أبي بن كعب: في هذه الآية من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه حسرات على الدنيا ومن يتبع بصره ما في أيدي الناس يطل حزنه ولا يشفي غيظه ومن لم ير لله عليه نعمة إلا في مطعمه ومشربه نقص علمه ودنا عذابه وروى أصحابنا عن أبي عبد الله ع أنه قال لما نزلت هذه الآية استوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً ثم قال هذه الكلمات التي تقدمت. { زهرة الحياة الدنيا } أي بهجتها ونضارتها وما يروق الناظر عند الرؤية. وقال ابن عباس وقتادة: زينة الحياة الدنيا { لنفتنهم فيه } أي لنعاملهم معاملة المختبر بشدة التعبد في العمل بالحق في هذه الأمور وأداء الحقوق عنه. وقيل: لنفتنهم أي لنشدّد عليهم التعبد بأن نكلفهم متابعتك والطاعة لك مع كثرة أموالهم وقلة مالك. وقيل: معناه لنعذّبهم به لأن الله قد يوسّع الرزق على بعض أهل الدنيا تعذيباً له ولذلك قال ع: لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى منها كافراً شربة ماء { ورزق ربك خير } أي ورزق ربك الذي وعدك به في الآخرة خير مما متعنا به هؤلاء في الدنيا { وأبقى } أي أدوم.

السابقالتالي
2