الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً } * { يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً } * { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } * { وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَيِّ ٱلْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } * { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } * { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } * { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } * { وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَىٰ ءَادَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }

القراءة: قرأ ابن كثير فلا يخف بالجزم والباقون فلا يخاف بالألف وقرأ يعقوب أن نقضي بالنون وحيه بالنصب والباقون يقضي بضم الياء وحيه بالرفع. الحجة: من قرأ فلا يخف فإنه على النهي ومن قرأ فلا يخاف فإنه على الخبر وتقديره فهو لا يخاف وموضع الفاء مع ما بعدها في الموضعين مجزوم ولكونه في موضع جواب الشرط والمبتدأ محذوف ومراد بعد الفاء وهو مؤمن في موضع نصب على الحال والعامل في الحال يعمل وذو الحال الذكر الذي في يعمل العائد إلى من، ومن قرأ من قبل أن نقضي إليك وحيه فإنه أضاف القضاء إلى الله وجعل الوحي مفعوله والمعنى في القراءتين واحد. اللغة: الهمس إخفاء الكلام والصوت الخفي قال الراجز:
وَهُـــنَّ يَمْشِيـــنَ بِنـا هَميسا   إنْ يَصْدُق الطَّيْرُ نَنِكْ لَميسا
يعني صوت أخفاف الإبل في سيرها والعنوة الخضوع والذل والعاني الأسير وأخذت الشيء عنوة أي غلبة تذل المأخوذ منه وقد يكون العنوة عن تسليم وطاعة لأنه على طاعة الذليل للعزيز قال الشاعر:
هَلْ أَنْتَ مُطِيعي أَيَّها القَلْبُ عَنْوَةً   وَلَمْ تُلْــحَ نَفْـسٌ لَمْ تُلَمْ في احْتِيالِها
وقال آخر:
فَمــا أَخَـــذوها عَنْـوَةً عَنْ مَوَدَّةٍ   ولَكِنْ بِضَرْبِ المَشْرفيّ اسْتقالَها
والهضم النقص يقال هضمني حقي ويهضمني أي ينقصني وامرأة هضيم الحشا أي ضامرة الكشحين لنقصانه عن حدّ غيره ومنه هضمت المعدة الطعام أي نقصته مع تغييرها والعزم الإرادة المتقدمة لتوطين النفس على الفعل. الإعراب: يومئذ ظرف يتبعون ولا عوج له جملة في موضع الحال والتقدير يتبعون الداعي غير معوجين عن إجابة لأن معناه لا عوج لهم عن دعائه أي لا يقدرون على أن لا يتبعوه، قرآناً منصوب على الحال وعربياً صفته وفي الحقيقة الحال قوله عربياً وإنما ذكر قرآناً للبيان وكذلك الكاف في محل النصب بأنه صفة لمصدر محذوف. المعنى: ثم وصف سبحانه القيامة فقال { يومئذ يتبعون الداعي } أي يوم القيامة يتبعون صوت داعي الله الذي ينفخ في الصور وهو إسرافيل ع { لا عوج له } أي لدعاء الداعي ولا يعدل عن أحد بل يحشرهم جميعاً عن أبي مسلم. وقيل: معناه لا عوج لهم عن دعائه لا يميلون عنه ولا يعدلون عن ندائه أي يتبعونه سراعاً ولا يلتفتون يميناً ولا شمالاً عن الجبائي { وخشعت الأصوات للرحمن } أي خضعت الأصوات بالسكون لعظمة الرحمن عن ابن عباس { فلا تسمع إلا همساً } وهو صوت الأقدام عن ابن عباس وابن زيد أي لا تسمع من صوت أقدامهم إلا صوتاً خفياً كما يسمع من وطء الإبل. وقيل: الهمس إخفاء الكلام عن مجاهد. وقيل: معناه إن الأصوات العالية بالأمر والنهي في الدنيا ينخفض ويذل أصحابها فلا تسمع منهم إلا الهمس.

السابقالتالي
2 3 4