الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ ٱللَّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ } * { مَن كَانَ عَدُوّاً للَّهِ وَمَلاۤئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ }

القراءة: قرأ ابن كثير جَبريل بفتح الجيم وكسر الراء من غير همز وقرأ حمزة والكسائي وأبو بكر إلاّ يحيى جَبْرِئيل بفتح الجيم والراء مهموزاً على زنة جبرعيل وروى يحيى كذلك إلا أنه حذف الياء بعد الهمز فصار مثل جبرعيل والباقون بكسر الجيم والراء وبعدها ياء من غير همزة وقرأ أهل المدينة ميكائل بهمزة مكسورة بعد الألف على زنة ميكاعل وقرأ أهل البصرة ميكال بغير همز ولا ياء والباقون بإثبات ياء ساكنة بعد الهمزة على زنة ميكاعيل. الحجة: قال أبو علي روينا عن أبي الحسن أنه قال في جبريل ست لغات جبرائيل وجبرائل وجبرئل وجبرال وجبرئيل وجبريل فمن قال جبريل كان على لفظ قنديل وبرطيل ومن قال جبرئيل كان على وزن عندليب ومن قال جبرئل كان على وزن جَحْمَرش ومن قال ميكال على وزن قِنطار وميكائيل وجبرائيل خارج عن كلام العرب وهذه الأسماء مُعّربة فإذا أتى بها على ما في أبنية العرب مثله كان أذهب في باب التعريب وقد جاء في أشعارهم ما هو على لفظ التعريب وما هو خارج عن ذلك قال:
عَبَدُوا الصًّلِيبَ وكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ   وبِجَبْـرَئِيلَ وَكَذَّبُوا مِيْكَالا
وقال حسان:
وَجِبْرِيلٌ رَسُوْلُ الله منَّا   وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
اللغة: جبرئيل وميكائيل اسمان أعجميان عُرّبا وقيل جبر في اللغة السريانية هو العبد وإيل هو الله وميك هو عبيد فمعنى جبريل عبد الله ومعنى ميكائيل عبيد الله وقال أبو علي الفارسي هذا لا يستقيم من وجهين: أحدهما: أن إيل لا يعرف من أسماء الله تعالى في اللغة العربية والآخر: أنه لو كان كذلك لكان آخر الاسم مجروراً أبداً كقولـهم عبد الله والبشرى والبشارة الخبر السارّ أول ما يرد فيظهر ذلك في بَشَرة الوجه. الإعراب: جواب الشرط محذوف تقديره من كان عدوّا لجبرائيل فليمت غيظاً فإنه نَزّل الوحي على قلبك بإذن الله والهاء في قوله فإنه تعود إلى جبريل والهاء في نَزّله تعود إلى القرآن وإن لم يجر له ذكر كما أنّ هاء في قولـه تعالىما ترك على ظهرها من دابة } تعود إلى الأرض [فاطر: 45] ويجوز أن يكون على معنى جبرئيل وتقديره فإنّ الله نَزّل جبريل على قلبك لا أنه نزل بنفسه والأول أصح ونصب مصدقاً على الحال من الهاء في نوّله وهو ضمير القرآن أو جبريل ع. النزول: قال ابن عباس كان سبب نزول هذه الآية ما روي " أن ابن صوريا وجماعة من يهود أهل فدك لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة سألوه فقالوا: يا محمد كيف نومك فقد أُخْبرنا عن نوم النبي الذي يأتي في آخر الزمان فقال: " تنام عيناي وقلبي يقظان " قالوا: صدقت يا محمد فأخبرنا عن الولد يكون من الرجل أو المرأة فقال: " أما العظام والعصب والعروق فمن الرجل وأما اللحم والدم والظفر والشعر فمن المرأة " قالوا: صدقت يا محمد فما بال الولد يشبه أعمامه ليس فيه من شبه أخواله شيء أو يشبه أخواله وليس فيه من شبه أعمامه شيء فقال: " أيهما علا ماؤه كان الشبه له " قالوا: صدقت يا محمد. قالوا: فأخبرنا عن ربك ما هو فأنزل الله سبحانه { قل هو الله أحد } إلى آخر السورة فقال له ابن صوريا: خصلة واحدة إن قلتها آمنت بك واتبعتك أيّ ملك يأتيك بما يُنزل الله عليك قال فقال: " جبريل " قال: ذاك عدوّنا ينزل بالقتال والشدة والحرب وميكائيل ينزل باليسر والرخاء فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك لآمنا بك ".

السابقالتالي
2 3