الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }

القراءة: قرأ ابن كثير وحمزة والكسائي لا يعبدون بالياء والباقون بالتاء وقرأ حمزة والكسائي وقولوا للناس حَسَنا بفتح الحاء والسين والباقون حسناً بضم الحاء وإسكان السين. الحجة: حجة من قرأ لا تعبدون بالتاء على الخطاب قولـه { إذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم } إلى آخر الآية ويُقّويه قولـه وقولوا { ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون } فإذا كان هذا خطاباً وهو عطف على ما تقدم وجب أن يكون المعطوف عليه في حكمه وحجة من قرأ بالياء قولـهقل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } [الأنفال: 38] فحمله على لفظ الغيبة. وإما قولـه حسناً فمن قرأه بضم الحاء ففيه ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون الحسن بمعنى الحسن كالنُجْل والنَجَل والرُشْد والرَشَد وجاز ذلك في الصفة كما جاز في الاسم قالوا العُرْب والعرَب وهو صفة بدلالة لـهم مررت بقوم عرب أجمعين فعلى هذا يكون الحسن صفة كالحلو والمر وثانيها: أن يكون الحسن مصدراً كالشكر والكفر وحذف المضاف معه أي قولوا قولاً ذا حُسن وثالثها: أن يكون منصوباً على أنه مصدر الفعل الذي دل عليه الكلام أي ليحسن قولكم حُسناً ومن قرأه حَسَنا جعله صفة وتقديره وقولوا للناس قولاً حسناً كقولـه تعالى:فأمتعه قليلاً } [البقرة: 126] أي متاعاً قليلاً. اللغة: الأخذ ضد الإعطاء والقربى مصدر قولـهم قَرُبتْ مني رحم فلان قرابة وقربى وقرباً واليتامى جمع يتيم مثل نديم وندامى واليتيم الذي مات أبوه إلى أن يبلغ الحلم ولا يقال لمن ماتت أمه يتيم. يقال لمن يتم ييتم يتماً إذ فقد أباه هذا في الإنسان فأما في غير الإنسان فيتمه من قبل أمه قال الأصمعي إن اليتم في الناس من قبل الأب وفي غير الناس من قبل الأم والمسكين هو المتخشع المتذلل من الحاجة مأخوذ من السكون كأنه قد أسكنه الفقر. الإعراب: قولـه لا تعبدون لا يخلو إما أن يكون حالاً أو يكون تلقي القسم أو يكون على لفظ الخبر والمعنى معنى الأمر أو يكون على تقدير أن لا تعبدوا فتحذف أن فيرتفع الفعل فإن جعلته حالاً فالأولى أن يكون بالياء ليكون ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله. وقلنا وأحسنوا بالوالدين إحساناً فيكون وقلنا على هذا معطوفاً على أخذنا جاز لأن أخذ الميثاق قول فكأنه قال قلنا هم كذا وكذا وإن حملته على أن اللفظ لفظ خبر والمعنى معنى الأمر يكون مثل قولـه تؤمنون بالله ورسوله ويدل على ذلك قولـه يغفر لكم ويؤكد ذلك أنه قد عطف عليه بالأمر وهو قولـه وبالوالدين إحساناً وقولوا وأقيموا الصلاة وإن حملته على أن المعنى أخذنا ميثاقهم بأن لا تعبدوا فلما حذف إن ارتفع الفعل كما قال طرفة:

السابقالتالي
2 3