الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

القراءة: قرأ نافع بترك الهمزة من الصابئين والصابئون في كل القرآن والباقون يهمزون. الحجة: ترك الهمزة يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون من صبا يصبو إذا مال إلى الشيء والآخر: قلب الهمزة. قال أبو علي ولا يسهل أن يأخذه من صبا يصبو لأنه قد يصبو الإنسان إلى الدين فلا يكون منه تدين به مع صبوّه إليه فإذا بعد هذا وكان الصابئون منتقلين من دينهم الذي أخذ عليهم إلى سواه لم يستقم أن يكون إلا من صبأت الذي معناه انتقال من دينهم إلى دين لم يشرع لهم فيكون على قلب الهمز وقلب الهمز على هذا الحد لا يجيزه سيبويه إلا في الشعر فدل على أن القائل لذلك غير فصيح وأنه مخلط في لغته فالاختيار الهمز ولأنه قراءة الأكثر وإلى التفسير أقرب. اللغة: هادوا أي صاروا يهوداً ودانوا باليهودية وهاد يهود هوداً أي تاب واختلف في اشتقاق اسم اليهود فقيل هو من الهود أي التوبة ومنه قولـهإنا هُدنا إليك } [الأعراف: 156] عن ابن جريج وسموا بذلك لتوبتهم عن عبادة العجل وقال زهير:
سِوَى مَرْبَع لَمْ فِيهِ مَخَافَةً   وَلاَ رَهَقاً مَنْ عَابـــدٍ مُتِهَوِّدِ
أي تائب وقيل إنما سموا يهوداً لأنهم نسبوا إلى يهوذا أكبر ولد يعقوب فعربت الذال دالاً وقيل إنما سموا يهوداً لأنهم هادوا أي مالوا عن الإسلام وعن دين موسى وقيل سموا بذلك لأنهم يتهودون أي يتحركون عند قراءة التوراة ويقولون إن السماوات والأرض تحركت حين آتى الله موسى ع التوراة واليهود اسم جمع واحدهم يهودي كالزنجي والزنج والرومي والنصارى جمع نصران كقولـهم سكران وسكارى وندمان وندامى هذا قول سيبويه قال الشاعر:
تَرَاهُ إِذَا كـَـانَ العَشِيُّ مُحَنَّفــاً   يُضَحَّى لَدَيْهِ وهو نَصْرَانُ شَامِسُ
وهو الممتلىء نصراً كما أن الغضبان هو الممتلىء غضباً وقيل في مؤنثه نصرانة كما قال:
كما سجدت نصرانة لم تحنف   
وقيل إن أحد النصارى نصرى مثل مهرى ومهارى واختلفوا في اشتقاق هذا الاسم فقال ابن عباس هو من ناصرة قرية كان يسكنها عيسى ع فنسبوا إليها وقيل سموا بذلك لتناصرهم أي نصرة بعضهم بعضاً وقيل إنما سموا بذلك لقولـه:من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله } [آل عمران: 52] والصابئون جمع صابىء وهو من انتقل إلى دين آخر وكل خارج من دين كان عليه إلى آخر غيره سمي في اللغة صابئاً. قال أبو علي قال أبو زيد صبأ الرجل في دينه يصبأ صبوباً إذا كان صابئاً وصبأ ناب الصبي يصبأ صبأ إذا طلع وصَبَأتْ عليهم تَصْبأ صبأ وصُبوءاً إذا طلعت عليهم وطرأت مثله فكأن معنى الصابىء التارك دينه الذي شرع له إلى دين غيره كما أن الصابىء على القوم تارك لأرضه ومنتقل إلى سواها والدين الذي فارقوه هو تركهم التوحيد إلى عبادة النجوم أو تعظيمها قال قتادة وهم قوم معروفون ولهم مذهب يتفردون به ومن دينهم عبادة النجوم وهم يقرون بالصانع وبالمعاد وببعض الأنبياء.

السابقالتالي
2 3