الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْتُمْ يَٰمُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ ٱلأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ ٱلَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِٱلَّذِي هُوَ خَيْرٌ ٱهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ وَبَآءُو بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }

الحجة: قال أبو علي الحجة لمن همز النبيء أن يقول هو أصل الكلمة ألا ترى أن ناساً من أهل الحجاز حققوا الهمزة في الكلام ولم يبدلوه فلم يكن كماضي يدع ونحوه مما رفض استعماله فأما ما روي في الحديث من أن بعضهم قال يا نبيء الله فقال صلى الله عليه وسلم: " لست نبيء الله ولكني نبيّ الله " فأظن أن من أهل النقل من ضعّف إسناد هذا الحديث ويقوي ضعفه أن من مدح النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
يَا خَاتَمَ النُّبآءِ إنَّكَ مُرْسَلٌ   بِالحَقِّ خَيْرُ هُدى الإِلهِ هُدَاكَا
لم يؤثر عنه إنكار عليه فيما علمنا ولو كان في واحده نكير لكان الجمع كالواحد وحجة من أبدل ولم يحقق مجيء الجمع في التنزيل على أنبياء الذي هو في أكثر الأمر للمعتل اللام نحو صفي وأصفياء وغني وأغنياء فدل على أن الواحد قد ألزم فيه البدل فإذا ألزم فيه البدل ضعف فيه التحقيق ولا يجوز أن يكون اشتقاق النبي من النَبْوَة التي هي الارتفاع أو من النَباوة لأن سيبويه حكى أن جميع العرب يقولون تنبأ مسيلمة بالهمزة فدل على أن أصله الهمز وقال الزجاج يجوز أن يكون نبي من أنبأت فترك همزته لكثرة الاستعمال ويجوز أن يكون من نبا ينبو إذا ارتفع فيكون فعيلاً من الرفعة. اللغة: الطعام ما يتغذَّى به والطعم بضم الطاء الأكل والطعام عَرض يدرك بحاسة الذوق والطعام من قبيل الأجسام والواحد أول عدد الحساب وحدُّه ما لا يتجزىء والله تعالى واحد لتفرده بصفاته الحسنى والدعاء أصله النداء عن ابن السراج وكل من يدعو ربه فهو يناديه وحقيقة الدعاء قول القائل لمن فوقه افعل والفرق بينه وبين الأمر يظهر بالرتبة. والإنبات إخراج النبات وأصله من الظهور فكأنه ظهر إذا نبت والبقل ما ينبته الربيع يقال بقلت الأرض وأبقلت لغتان فصيحتان إذا أنبتت البقل فالبقل كل نبات ليس له ساق وفي القثاء لغتان ضم القاف وكسرها والكسر أجود وهي لغة القرآن وقد روي عن عيسى الثقفي في الشواذ بالضم والفوم هو الحنطة عن ابن عباس وقتادة والسدي وهو المروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام وأنشد ابن عباس قول أحيحة بن الجُلاح:
قَدْ كُنْتُ أَغْنى النَّاسِ شَخْصاً وَاحِداً   وَرَدَ المَدِيْنـَـةَ عَنْ زِرَاعَةِ فــُوْمِ
وقال الفراء والأزهري: هو الحنطة والخبز. تقول العرب فوموا لنا أي اختبزوا وقال قوم هو الحبوب التي تخبز. وقال الكسائي: هو الثوم أبدل من الثاء فاء كما قالوا حدث وجدف. قال الفراء: وهذا أشبه بما ذكره بعده من البصل قال الزجاج: وهذا بعيد لأنه لا يعرف الثوم بمعنى الفوم لأن القوم لا يجوز أن يطلبوا الثوم ولا يطلبون الخبز الذي هو الأصل وهذا ضعيف لأنه قد روي في الشواذ عن ابن مسعود وابن عباس وثومها بالثاء والعدس حب معروف وقولـه أدنى أي أقرب وأدون كما تقول هذا شيءٌ مقارب أو دون ويجوز أن يكون أدنى من الدناءَة وهي الخِسة يقال دَنَأَ دَناءَة فهو دني وهو أدنى منه فتركت همزتها وهو اختيار الفراء وحكى الأزهري عن ابن زيد الدني بلا همز الخسيس والدنيء بالهمزة الماجن وأما اشتقاق مصر فقال بعضهم هو من القطع لانقطاعه بالعمارة عما سواه ومنهم من قال هو مشتق من الفصل بينه وبين غيره وقال عدي بن زيد:

السابقالتالي
2 3 4 5 6