الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ وَٰعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَٰلِمُونَ }

القراءة: قرأ أهل البصرة وأبو جعفر ها هنا وعدنا بغير ألف وفي الأعراف وطه وقرأ الباقون واعدنا بالألف وقرأ ابن كثير وحفص والبرجمي وروي اتخذتم وما جاء منه بإظهار الذال ووافقهم الأعشى فيما كان على افتعلت والباقون يدغمون. الحجة: حجة من قرأ بإثبات الألف أنه قال لا يخلو أن يكون قد كان موسى وعد أو لم يكن فإن كان منه وعد فلا إشكال في وجوب القراءة بواعدنا وإن لم يكن منه وعد فإن ما كان منه من قبول الوعد والتحري لإنجازه والوفاء به يقوم مقام الوعد والقراءة بواعدنا بدلالة من الله على وعده وقبول موسى ولأنه إذا حسن في مثل قولـه بما خلفوا الله ما وعدوه الإخبار بالوعد منهم لله تعالى كان هنا الاختيار واعدنا ومن قرأ وعدنا بغير ألف وهو أشد مطابقة للمعنى إذ كان القبول ليس بوعد في الحقيقة إذ الوعد إنما هو إخبار الموعود بما يفعل به من خير وعلى هذا فيكون قولـه بما أخلفوا الله ما وعدوه مجازاً حقيقته بما أخبروا أنهم فاعلوه قال بعضهم إن المواعدة في الحقيقة لا تكون إلا بين البشر والله تعالى هو المتفرد بالوعد والوعيد كما قال:وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات } [المائدة: 9] جنات وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم } [الأنفال: 7] والقراءتان جميعاً قويتان وحجة من أدغم الذال في التاء من اتخذتم أن مخرج الذال قريب من مخرج التاء وحجة من لم يدغم أن مخرجيهما متغايران. اللغة: الوعد والموعد والوعيد والعدة والموعدة مصادر وعدته أعده ووعدت يتعدى إلى مفعولين يجوز فيه الاقتصار على أحدهما كأعطيت قال:وواعدناكم جانب الطور الأيمن } [طه: 80] فجانب مفعول ثان والعدة والوعد قد يكونان أمين أيضاً والوعد في الخير والوعيد في الشر ويجمع العدة على العدات ولا يجمع الوعد والموعد قد يكون موضعاً ووقتاً ومصدراً والميعاد لا يكون إلا وقتاً أو موضعاً وقد يقال وعدته في الشر كقولـه تعالى:النار وعدها الله الذين كفروا } [الحج: 72] وأوعدته لا يكون إلا في الشر والمكاره ويقال أوعدته بالشر ولا يقال أوعدته الشر وحقيقة الوعد هو الخبر عن خير يناله المخبر في المستقبل أو شر وموسى اسم مركب من اسمين بالقبطية فمو هو الماء وسي الشجر وسمي بذلك لأن التابوت الذي كان فيه موسى وجد عند الماء والشجر وجده جواري آسية امرأة فرعون وقد خرجن ليغتسلن بالمكان الذي وجد فيه عن السديّ وهو موسى بن عمران بن يصهر بن فاهث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عن محمد بن إسحاق بن يسار وإنما قال أربعين ليلة ولم يقل أربعين يوماً لتضمن الليالي الأيام على قول المبرد عنى بذلك إنك إذا ذكرت الليالي دخل فيها الأيام وإذا ذكرت الأيام لا يدخل فيها الليالي والصحيح أن العرب كانت تراعي في حسابها الشهور والأيام والأهلة فأول الشهر الليالي فلذلك أرّخت بالليالي وغلبتها على الأيام واكتفت بذكر الليالي عن الأيام فقالت لعشر خلون ولخمس بقين جرياً على الليالي والليلة الوقت من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني واليوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس وليلة ليلاء إذا اشتدت ظلمتها وليلية تصغير ليلة أخرجوا الياء الأخيرة مخرجها في الليالي وقال بعضهم أصل ليلة ليلاة فقصّر واتخذ افتعل وفعلت فيه تخذت قال:

السابقالتالي
2 3