الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَـٰقُواْ رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَٰجِعُونَ }

اللغة: الظن المذكور في الآية بمعنى العلم واليقين كما قال دريد بن الصمة:
فَقُلتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِألفَيْ مُدَجِّجٍ   سَرَاتُهُمُ في الفَارِسيِّ الْمُسَرَّدِ
وقال أبو داود:
رُبَّ هَمٍّ فَرَّجْتُهُ بِعَزيم   وَغُيوبٍ كَشَفْتُهَا بِظُنونِ
وقال المبرد ليس من كلام العرب أظن عند زيد مالاً بمعنى أعلم لأن العلم المشاهد لا يناسب باب الظن وقد أفصح عن ذلك أوس بن حجر في قولـه:
الألْمَعِيُّ الَّذِي يظُنُّ بِكَ الظَّنَّ   كَأنْ قَدْ رَأى وَقـَـدْ سَمِعَا
وقال آخر:
فَإلاَّ يأْتِكُمْ خَبَرٌ يَقِيــنٌ   فَإنَّ الظَّنَّ يَنقُصُ أو يَزِيدُ
وقال بعض المحققين أصل الظن ما يجول في النفس من الخاطر الذي يغلب على القلب كأنه حديث النفس بالشيء ويؤول جميع ما في القرآن بمعنى العلم على هذا والظن والشك والتجويز نظائر إلا أن الظن فيه قوة على أحد الأمرين دون الآخر وحدّه ما قوي عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه أن يكون على خلافه فبالتجويز ينفصل من العلم وبالقوة ينفصل من الشك والتقليد وغير ذلك. وهو من جنس الاعتقاد عند أبي هاشم وجنس برأسه سوى الاعتقاد عند أبي علي والقاضي وإليه ذهب المرتضى قدس الله روحه وضد الظن اليقين والظنين المتهم ومصدره الظنة والظنون الرجل السيء الظن بكل أحد والظنون البئر التي يظن أن بها ماء ولا يكون ومظنة الرجل حيث يألفه ويكون فيه وأصل الملاقاة الملاصقة من قولك التقى الخطان إذا تلاصقا ثم كثر حتى قيل التقى الفارسان إذا تحاذيا ولم يتلاصقا ويقال رجع الرجل ورجعته أنا لازم ومتعد وأصل الرجوع العود إلى الحال الأولى. الإعراب: الذين يظنون في موضع الجر صفة للخاشعين و أنهم بفتح الألف لا يجوز غيره لأن الظن فعل واقع على معنى أنه متعد يتعلق بالغير فما يليه يكون مفعولاً له وأنَّ المفتوحة الهمزة يكون مع الاسم والخبر في تأويل اسم مفرد وها هنا قد سدّ مسدّ مفعولي يظن ويكون المفعول الثاني مستغنى عنه مختزلاً من الكلام غير مضمر كما أن الفاعل في أقائم الزيدان سد مسد الخبر لطول الكلام والاستغناء به عنه وهذا القول هو المختار عند أبي علي وفيه قول آخر وهو أن مع الاسم والخبر في موضع المفعول الأول والمفعول الثاني مضمر محذوف لعلم المخاطب به فكأنه قال الذين يظنون ملاقاة ربهم واقعة وحذفت النون من ملاقوا ربهم تخفيفاً عند البصريين والمعنى على إثباتها فإن المضاف إليه هنا وإن كان مجروراً في اللفظ فهو منصوب في المعنى فهي إضافة لفظية غير حقيقية ومثله قولـه:إنا مرسلوا الناقة } [القمر: 27]وكل نفس ذائقة الموت } [آل عمران: 185] وقال الشاعر:
هَلْ أنْتَ بَاعِثُ دِينَارٍ لِحَاجَتِنَا   أوْ عَبْدَ ربِّ أخَا عَوْنِ بْنِ مِخْرَاقِ

السابقالتالي
2