الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَعِينُواْ بِٱلصَّبْرِ وَٱلصَّلَٰوةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى ٱلْخَٰشِعِينَ }

اللغة: الصبر منع النفس عن محابها وكفها عن هواها ومنه الصبر على المصيبة لكف الصابر نفسه عن الجزع ومنه جاء في الحديث: " وهو شهر الصبر " لشهر رمضان لأن الصائم يصبر نفسه ويكفها عما يفسد الصيام وقتل فلان صبراً وهو أن ينصب للقتل ويحبس عليه حتى يقتل وكل من حبسته لقتل أو يمين يقال فيه قتل صبر ويمين صبر وصبرته أي حلفته بالله جهد القسم وفي الحديث: " اقتلوا القاتل واصبروا الصابر " وذلك فيمن أمسكه حتى قتله آخر فأمر بقتل القاتل وحبس الممسك والخشوع والخضوع والتذلل والإخبات نظائر وضد الخشوع الاستكبار وخشع الرجل إذا رمى ببصره إلى الأرض واختشع إذا طأطأ رأسه كالمتواضع والخشوع قريب المعنى من الخضوع إلا أن الخضوع في البدن والإقرار بالاستخدام والخشوع في الصوت والبصر قال سبحانه:خاشعة أبصارهم } [القلم: 43] وخشعت الأصوات أي سكنت وأصل الباء من اللين والسهولة والخاشع والمتواضع والمتذلل والمستكين بمعنى قال الشاعر:
لَمَّا أَتى خَبَرُ الزُّبيْرُ تَواضَعَتْ   سُورُ الْمَـــدِينَةِ وَالجِبَالُ الخُشَّعُ
الإعراب: قولـه وإنها لكبيرة اللام تدخل في خبر إن ولا تدخل في خبر أخواتها لأنها لام التأكيد فهي شبيهة بأن في أنها تدخل على المبتدأ وخبره كما تدخل إن وتدخل بمعنى القسم كما تدخل إن تقول والله لتخرجن كما تقول والله إنك خارج فإذا كان بينهما هذه المجانسة فإذا دخلت على أن في نحو لأنها كبيرة كرهوا أن يجمعوا بين حرفين متشاكلين متفقين في المعنى فأخر اللام إلى الخبر ليفصل بين اللام وبين إن بالاسم نحو إنها لكبيرة فأما سائر أخوات إن فمتى تركب مع المبتدأ وخبره خرج المبتدأ من صورة المبتدأ ويصير قسماً آخر فلا يدخل اللام عليه وإذا لم يدخل عليه كان بالحري أن لا يدخل على خبره. النزول: قال الجبائي إنه خطاب للمسلمين دون أهل الكتاب وقال الرماني وغيره هو خطاب لأهل الكتاب ويتناول المؤمنين على وجه التأديب والأولى أن يكون خطاباً لجميع المكلفين لفقد الدلالة على التخصيص ويؤيد قول من قال إنه خطاب لأهل الكتاب إن ما قبل الآية وما بعدها خطاب لهم. المعنى: من قال إنه خطاب لليهود قال إن حب الرياسة كان تمنع علماء اليهود عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم خافوا زوال الرياسة إذا اتبعوه فأمرهم الله تعالى فقال: { واستعينوا } على الوفاء بعهدي الذي عاهدتكم في كتابكم عليه من طاعتي واتباع أمري وترك ما نهيتكم عنه والتسليم لأمري واتباع رسولي محمد صلى الله عليه وسلم بالصبر على ما أنتم فيه من ضيق المعاش الذي تأخذون الأموال من عوامكم بسببه وروي عن أئمتنا ع أن المراد بالصبر الصوم فيكون فائدة الاستعانة به أنه يذهب بالشره وهوى النفس كما قال صلى الله عليه وسلم:

السابقالتالي
2