الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَتَأْمُرُونَ ٱلنَّاسَ بِٱلْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ ٱلْكِتَٰبَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

اللغة: البر في اللغة والإحسان والصلة نظائر يقال فلان بار وصول محسن وضد البر العقوق ورجل بر وبارُّ وبر صدقته وبرَّ حجه وبُرَّ لغتان وقولـهم فلان لا يعرف الهِرَّ من البِر قال الأخفش: معناه لا يعرف من يَهُرّ عليه ممن يَبُرَهُ. وقال المازني: الهر السنور والبر الفأرة أو دويبة تشبهها والفرق بين البر والخير أن البر يدل على قصد والخير قد يقع على وجه السهو والنسيان والسهو والغفلة نظائر وضد النسيان الذكر وحقيقته غروب الشيء عن النفس بعد حضوره وهو عدم علم ضروري من فعل الله تعالى والسهو قد يقع عما كان الإنسان عالماً به وعما لم يكن عالماً به وقد يكون النسيان بمعنى الترك نحو قولـه:نسوا الله فنسيهم } [التوبة: 67] أي تركوا ذكر الله فخذلهم. والتلاوة القراءة تلا يتلو تلاوة أي قرأ وتلا يتلو تلواً أي تبع وأصل التلاوة منه لاتباع بعض الحروف فيها بعضاً والفرق بين التلاوة والقراءة أن أصل القراءة جمع الحروف وأصل التلاوة اتباع الحروف والعقل والفهم والمعرفة واللب نظائر ورجل عاقل فهم لبيب ذو معرفة وضد العقل الحمق يقال عقل الشيء عقلاً وأعقله غيره. وقيل لابن عباس: أنى لك هذا العلم؟ قال قلب عقول ولسان سؤول. وقال صاحب كتاب العين: العقل ضد الجهل يقال عقل الجاهل إذا علم وعقل المريض بعد أن أهجر وعقل المعتوه ونحوه والعقال الرباط يقال عقلت البعير أعقله عقلاً إذا شددت يده بالعقال والعقل مجموع علوم لأجلها يمتنع الحي من كثير من المقبحات ويفعل كثيراً من الواجبات وإنما سميت تلك العلوم عقلاً لأنها تعقل عن القبيح وقيل لأنها تعقل العلوم المكتسبة ولا يوصف القديم تعالى بأنه عاقل لأنه لا يعقله شيء عن فعل القبيح وإنما لا يختاره لعلمه بقبحه وبأنه غني عنه ولأنه لا يكتسب علماً بشيء فيثبت بعض علومه ببعض. وقال علي بن عيسى: العقل هو العلم الذي يزجر عن قبيح الفعل. ومن كان زاجره أقوى فهو أعقل. وقيل العقل معرفة يفصل بها بين القبيح والحسن في الجملة وقيل هو التمييز الذي له فارق الإنسان جميع الحيوان وهذه العبارات قريبة معاني بعضها من بعض والفرق بين العقل والعلم أن العقل قد يكمل لمن فقد بعض العلوم ولا يكمل العلم لمن فقد بعض عقله فإن قيل إذا كان العقل مختلفاً فيه فكيف يجوز أن يستشهد به قلنا إن الاختلاف في ماهية العقل لا يوجب الاختلاف في قضاياه ألا ترى أن الاختلاف في ماهية العقل حتى أن بعضهم قال معرفة وبعضهم قال قوة لا توجب الاختلاف في أن المائة أكثر من واحد وأن الكل أعظم من الجزء وغير ذلك من قضايا العقول.

السابقالتالي
2