الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُوۤاْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَٰتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّٰيَ فَٱتَّقُونِ }

اللغة: قوله أول كافر قال الزجاج يعني أول الكافرين وفيه قولان قال الأخفش معناه أول من كفر به وقال غيره من البصريين معناه أول فريق كافر به أي بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال وكلا القولين صواب حسن ونظير قولـه أول كافر به قال الشاعر:
وَإذَا هُمُ طَعِمُوا فَالأُم طَاعِمٍ   وَإذَا هُمُ جَاعُوا فَشَرُّ جِيَاعِ
والثمن والعوض والبدل نظائر وبينها فروق فالثمن هو البدل في البيع من العين أو الورق وإذا استعمل في غيرهما كان مشبهاً بهما ومجازاً والعوض هو البدل الذي ينتفع به كائناً ما كان والبدل هو الشيء الذي يجعل مكان غيره وثوب ثمين كثير الثمن والثمين والثمن والفرق بين الثمن والقيمة أن الثمن قد يكون وفقاً وقد يكون بخساً وقد يكون زائداً والقيمة لا تكون إلا مساوية المقدار للثمن من غير نقصان ولا زيادة. الإعراب: مصدقاً نصب لأنه حال من الهاء المحذوفة من أنزلتُ كانه قال أنزلته مصدقاً ويصلح أن ينتصب بآمنوا كأنه قال آمنوا بالقرآن مصدقاً ومعكم صلة لما والعامل فيه الاستقرار أي الذي استقر معكم والهاء في به عائد إلى ما في قولـه بما أنزلت أو إلى ما في قولـه لما معكم ونصب أول كافر لأنه خبر كان. المعنى: ثم قال مخاطباً لليهود: { وآمنوا } أي صَدّقوا: { بما أنزلت } على محمد صلى الله عليه وسلم من القرآن لأنه منزل من السماء إلى الأرض: { مصدقاً لما معكم } من التوراة أمرهم بالتصديق بالقرآن وأخبرهم أن في تصديقهم بالقرآن تصديقاً منهم للتوراة لأن الذي في القرآن من الأمر بالإقرار بالنبوة لمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه نظير الذي في التوراة والإنجيل فإن فيهما البشارة بمحمد وبيان صفته فالقرآن مصدق لهما وقيل معناه إنه يصدق بالتوراة ولأن فيه الدلالة على أنه حق وأنه من عند الله والأول أوجه لأنه يكون حجة عليهم بأن جاء القرآن بالصفة التي تقدمت بها بشارة موسى وعيسى عليهما السلام. وقولـه: { ولا تكونوا أول كافر به } أي بالقرآن من أهل الكتاب لأن قريشاً قد كانت قد كفرت به بمكة قبل اليهود وقيل المعنى ولا تكونوا السابقين إلى الكفر به فيتبعكم الناس أي لا تكونوا أئمة في الكفر به عن أبي العالية وقيل المعنى ولا تكونوا أول جاحدين صفة النبي في كتابكم فعلى هذا تعود الهاء في به إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن جريج وقيل المعنى ولا تكونوا أول كافر بما معكم من كتابكم لأنكم إذا جحدتم ما فيه من صفة النبي صلى الله عليه وسلم فقد كفرتم به قال الزجاج وقواه بأن الخطاب وقع على علماء أهل الكتاب فإذا كفروا كفر معهم الأتباع فلذلك قيل لهم ولا تكونوا أول كافر به قال ولو كان الهاء في به للقرآن فلا فائدة فيه لأنهم يظهرون أنهم كافرون بالقرآن.

السابقالتالي
2