الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ ٱلَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيۤ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّٰيَ فَٱرْهَبُونِ }

القراءة: القراءة المشهورة إسرائيل مهموز ممدود مشبع وهو الفصيح وروي في الشواذ عن الحسن والزهري إسرايل بلا همز ولا مد وعن الأعمش وعيسى بن عمر كذلك وحكي عن الأخفش إسرائل بكسر الهمزة من غير ياء وحكى قطرب إسرال من غير همز ولا ياء و إسرئين بالنون قال أبو علي العرب إذا نطقت بالأعجمي خلطت فيه وأنشد:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ لأُمِّ الْخَزْرَجِ   مِنْهَا فَظَلْتَ اليَوْمَ كالمُزْرَّجِ
يريد المُزَرْجن وهو الخمر من الزَرَجون قال والنون في زرجون أصل كالسين في قَرَبوس فإذا جاز للعرب أن تخلط فيما هو لغتها فكيف فيما ليس من لغتها واختير تحريك الياء في قولـه نعمتي التي أنعمت لأنه لقيها ألف الوصل واللام فلم يكن بُدّ من إسقاطها أو تحريكها فكان التحريك أولى لأنه أدل على الأصل وأشكَلَ بما يلحق اللام في الاستئناف من فتح ألف الوصل وإسكان الياء من قولـه { يا عبادي الذين أسرفوا } أي الإسقاط ههنا أجود لأن من حق ياء الإضافة ألا تثبت في النداء وإذا لم تثبت فلا طريق إلى تحريكها والإختيار في قولـه:فبشر عبادي الذين يستمعون القول } [الزمر: 18] حذف الياء لأنه رأس آية ورؤوس الآية لا تثبت فيها الياء لأنها فواصل ينوي فيها الوقف كما يفعل ذلك في القوافي وأجمعوا على إسقاط الياء من قولـه فارهبون إلا ابن كثير فإنه أثبتها في الوصل دون الوقف والوجه حذفها لكراهية الوقف على الياء وفي كسر النون دلالة على ذهاب الياء. اللغة: الابن والولد والنسل والذرية متقاربة المعاني إلا أن الابن للذكر والولد يقع على الذكر والأنثى والنسل والذرية يقع على جميع ذلك وأصله من البناء وهو وضع الشيء على الشيء فالابن مبني على الأب لأن الأب أصل والابن فرع والبنوة مصدر الابن وإن كان من الياء كالفتوة مصدر الفتى وتثنيته فتيان وإسرائيل هو يعقوب بن إبراهيم وقيل أصله مضاف لأن أسر معناه عبد وايِل هو الله بالعبرانية فصار مثل عبد الله وكذلك جبرائيل وميكائيل والذكر الحفظ للشيء بذكره وضده النسيان والذكر جري الشيء على لسانك والذكر الشرف في قولـه وإنه لذكر لك ولقومك والذكر الكتاب الذي فيه تفصيل الدين وكل كتاب من كتب الأنبياء ذكر والذكر الصلاة والدعاء وفي الأثر كانت الأنبياء إذا أحزنهم أمر فزعوا إلى الذكر أي إلى الصلاة وأصل الباب التنبيه على الشيء قال صاحب العين تقول وفيت بعهدك وأوفيت لغة تهامة قال الشاعر في الجمع بين اللغتين:
أمَّا ابنُ عَوْفٍ فَقَدْ أَوْفَى بِذمَّتِهِ   كَمَا وَفَى بِقلاصِ النجْمِ حادِيْهَا
يعني به الدَبَران وهو التالي والعهد الوصية والرهبة الخوف وضدها الرغبة وفي مثل رهبوت خير من رحموت أي لأن ترهب خير من أن ترحم.

السابقالتالي
2 3