الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْنَا ٱهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

القراءة: قرأ يعقوب فلا خوف بنصب الفاء في جميع القرآن وقرأ الباقون بالرفع والتنوين وأجمعوا على إثبات الألف في هداي وتحريك الياء. وروي عن الأعرج بسكون الياء وهو غلط إلا أن يكون نُوى الوقف وروى بعضهم هُدَيَّ وهي لغة هذيل يقلبون الألف إلى الياء للياء التي بعدها لأن شأن ياء الإضافة أن يكسر ما قبلها فجعل قلب الألف ياء بدل كسرِها إذ الألف لا يتحرك فهو مثل عَلَيَّ ولَدَيَّ وقالوا هَوَيَّ قال أبو ذؤيب:
سَبَقُوا هَوَيَّ وَأَعْنَقُوا لِسَبِيلِهمْ   فَتُخُرِّمُوا ولِكُلِّ جَنْبٍ مَضْجَعُ
اللغة: الهبوط النزول من موضع عال إلى أسفل وقد يستعمل في هبوط المنزلة قال لبيد:
كـُــلُّ بني حُــرَّةٍ مَصِيــــرُهُــم   قُلٌّ وَإِنْ أَكْثَرُوا مِنَ العَدَدِ
إِنْ يُغْبَطُوا يَهْبِطُوا وَإِنْ أُمِرُوا   يَوْمـــاً فَهـُــمْ لِلْفَنَاءِ والفَنَدِ
والإتيان والمجيء والإقبال نظائر ونقيضه الذهاب والانصراف والاتباع والاقتداء والاحتذاء نظائر والتابع التالي وفي الحديث القادة والاتباع فالقادة السادة والاتباع الذين يتبعونهم. والتبيع ولد البقرة وثلاثةُ أتبعة والجمع أتابيع. والتُبُّع الظل والخوف والجزع والفزع ونقيض الخوف الأمن وطريق مخوف يخافه الناس ومُخيفٌ يُخيف الناس والحزن والغم والهم نظائر ونقيضه السرور يقال حزِن حُزناً وحَزَنه حُزناً ويقال حزَنَه وأحزنه وهو محزون مُحْزَن وقال قوم لا يقولون حَزَنه الأمر ويقولون يَحزُنُه فإذا صاروا إلى الماضي قالوا أحزنه وهذا شاذ نادر لأنه استعمل أحزن وأهمل يُحْزِن واستعمل يَحْزُن وأهمل حَزَن وأصل الباب غِلظ الهمُّ مأخوذ من الحَزْن وهو ما غلظ من الأرض. الاعراب: إما هو أن الجزاء دخلت عليها " ما " ليصح دخول نون التأكيد في الفعل ولو اسقطت لم يجز دخول النون لأنها لا تدخل في الخبر الواجب إلا في القسم أو ما أشبه القسم كقولك: زيد ليأتينك ولو قلت بغير لام لم يجز وكذلك تقول بعين ما أرَيَنَّكَ وبجهد ما تبلُغنَّ وفي عِضة ما يتبين شكيرها ولو قلت بعين أرينك بغير ما لم يجز فدخول ما ها هنا كدخول اللام في أنها تؤكد أول الكلام وتؤكد النون آخره والأمر والنهي والاستفهام تدخل النون فيه وإن لم يكن معه ما إذا كان الأمر والنهي مما يشتد الحاجة إلى التوكيد فيه والاستفهام مشبه به إذ كان معناه أخبرني والنون إنما تلحق للتوكيد لذلك كان من مواضعها قال الله تعالى:ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غداً } [الكهف: 23] قال الزجاج: وإنما فتح ما قبل النون في قولـه يأتينكم لسكون الياء وسكون النون الأولى. قال أبو علي: ولو كان كذلك لما حرّك في نحو هل تضربن ونحوه من الصحيح لأن الساكنين لا يلتقيان في هذا النحو ونفي هذا ما يدل على أن هذه الحركة للبناء دون ما ذكره من التقاء الساكنين وجواب الشرط في الفاء مع الشرط الثاني وجزائه لأن الشرط وجوبه بمنزلة المبتدأ والخبر فكما أن المبتدأ لا يتم إلا بخبره فكذلك الشرط لا يتم إلا بجزائه ولك أن تجعل خبر المبتدأ جملة هي مبتدأ وخبر كقولك زيد أبوه منطلق فكذلك إن التي للجزاء إذا كان جوابه بالفاء ووقع بعد الفاء الكلام مستأنفاً صلح أن يكون جزاء وغير جزاء تقول إن تأتني فأنت مكرم ولك أن تقول إن تأتني فمن يكرمك أكره فقولـه: { فإما يأتينكم } شرط و يأتينكم في موضع الجزم بأن وجزاؤه الفاء وما بعده من قولـه: { فمن تبع هداي } الآية ومَنْ في موضع الرفع بالإبتداء و تبع في موضع الجزم بالشرط وجزاوءه الفاء وما بعده وهو قولـه: { فلا خوف عليهم } ولا خوف عليهم جملة اسمية.

السابقالتالي
2