الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَلَقَّىٰ ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَٰتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ }

القراءة: قرأ ابن كثير آدم بالنصب و كلمات بالرفع وقرأ الباقون برف آدم ونصب كلمات. الحجة: حجة ابن كثير في نصب آدم أنه في المعنى كالقراءة الأخرى فإن الأفعال المتعدية على ثلاثة أضرب منها ما يجوز فيه أن يكون الفاعل له مفعولاً به والمفعول فاعلاً نحو ضرب زيد عمرو أو منها ما لا يجوز ذلك فيه نحو أكلت الخبز ومنها ما يكون إسناده إلى الفاعل في المعنى كإسناده إلى المفعول به نحو نلت وأصبت وتلقيت تقول نالني خير ونلت خيراً وأصابني شيء وصبت شيئاً وتلقاني زيد وتلقيت زيدًا ومثل هذه الآية قولـه تعالى:لا ينال عهدي الظالمين } [البقرة: 124] وفي حرف عبد الله فيما قيل: { لا ينال عهدي الظالمون } اللغة: التلقي نظير التلقن يقال تلقيت منه أي أخذت وقبلت وأصله من لقيت خيراً فتعدى إلى مفعول واحد ثم يعدّى إلى مفعولين بتضعيف العين نحو لَقّيت زيداً خيرا كقولـه تعالى:ولقّاهم نضرة وسروراً ومطاوعة } [الإنسان: 11] تلقيته بالقبول أي قبلته منه ومن ذلك قول أبي مهدية في آيات من القرآن تلقيتها من عمّي تلقاها من أبي هريرة تلقاها من رسول الله وتلقيت الرجل استقبلته وتلقاني استقبلني وكلمات جمع والكلمة اسم جنس لوقوعها على الكثير من ذلك والقليل قالوا قال امرؤ القيس في كلمته يعنون في قصيدته وقال قُسٌّ في كلمته يعنون خطبته فقد وقعت على الكثير وقيل لكل واحد من الكلم الثلاث كلمة فوقعت على القليل من الاسم المفرد والفعل المفرد المفرد والحرف المفرد وأما الكلام فإن سيبويه قد استعمله فيما كان مؤلّفاً من هذه الكلم وعلى هذا جاء التنزيل قال الله تعالى:يريدون أن يبدّلوا كلام الله } [الفتح: 15] يعني به قولـه تعالى:فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبداً } [التوبة: 83] ألا ترى إلى قولـه كذلكم قال الله من قبل يقال كلّمه تكليماً وكلاماً وتكلم تكلماً والكلم الجرح يقال كلمته أكلمه وأصل الباب التأثر والكلم أثر دال على الجارح والكلام أثر دال على المعنى الذي تحته. والذي حرره المتكلمون في حد الكلام هو أنه ما انتظم من حرفين فصاعداً من هذه الحروف المعقولة إذا وقع ممن يصح منه أو من قبيله الإفادة وقال بعضهم هو ما انتظم من الحروف المسموعة المتميزة ليتميز من الكتابة التي ليست بمسموعة ويتميز من أصوات كثير من الطيور لأنها ليست بمتميزة وينقسم الكلام إلى مهمل ومستعمل وإنما أراد سيبويه بقولـه إن المهمل لا يكون كلاماً أنه لا يكون مفيداً إذ الكلام عنده لا يقع إلا على المفيد وبه قال أبو القاسم البلخي والتوبة والإقلاع والإنابة في اللغة نظائر وضد التوبة الإصرار والله تعالى يوصف بالتوّاب ومعناه أنه يقبل التوبة عن عباده وأصل التوبة الرجوع عما سلف والندم على ما فرّط فالله تعالى على العبد بقبول توبته والعبد تائب إلى الله تعالى بندمه على معصيته.

السابقالتالي
2 3