الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَٱكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِٱلْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ ٱللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ وَلْيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإن كَانَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ ٱلْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِٱلْعَدْلِ وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَآءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأُخْرَىٰ وَلاَ يَأْبَ ٱلشُّهَدَآءُ إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوۤاْ أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَو كَبِيراً إِلَىٰ أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَٰدَةِ وَأَدْنَىٰ أَلاَّ تَرْتَابُوۤاْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوۤاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }

القراءة: قرأ حمزة وحده إن تضل بكسر الـهمزة والباقون بفتحها، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وقتيبة فتذكر بالتخفيف والنصب، وقرأ حمزة فتذكرُ بالتشديد والرفع وقرأ الباقون فتذكّرَ بالتشديد والنصب، وقرأ عاصم وحده تجارة حاضرة بالنصب، وقرأ الباقون بالرفع، وقرأ أبو جعفر ولا يضار بتشديد الراء وتسكينها والباقون لا يضار بالنصب والتشديد. الحجة: الوجه في قراءة حمزة إن تضل إحداهما بكسر الـهمزة وهو أنه جعل أن للجزاء والفاء في قولـه فتذكر جواب الجزاء وموضع الشرط وجزائه رفع بكونهما وصفاً للمنكورين وهما المرأتان في قولـه فرجل وامرأتان فقولـه رجل وامرأتان خبر ومبتدأ محذوف وتقديره فمن يشهد فرجل وامرأتان ويجوز أن يكون رجل مرتفعاً بالابتداء وامرأتان معطوفتان عليه وخبر الابتداء محذوف وتقديره فرجل وامرأتان يشهدون وقولـه ممن ترضون من الشهداء فيه ذكر يعود إلى الموصوفين الذين هم رجل وامرأتان ولا يجوز أن يكون فيه ذكر لشهيدين المتقدم ذكرهما لاختلاف إعراب الموصوفين ألا ترى أن شهيدين منصويان ورجل وامرأتان إعرابها الرفع فإذا كان كذلك علمت أن الوصف الذي هو ظرف إنما هو وصف لقولـه فرجل وامرأتان دون من تقدم ذكرهما من الشهيدين والشرط وجزاؤه وصف لقولـه وامرأتان وأن الشرط جملة يوصف بها كما يوصل بها في نحو قولـه:الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة } [الحج: 41] واللام التي هي في قولـه أن تضل فيمن جعل أن جزاء في موضع جزم وإنما حركت بالفتح لالتقاء الساكنين ولو كسرت للكسرة قبلـها لكان جائزاً في القياس. وأما قولـه فتذكر فقياس قول سيبويه في قولـه تعالىومن عاد فينتقم الله منه } [المائدة: 95] والآية التي تلاها معها أن يكون بعد الفاء في فتذكر مبتدأ محذوف ولو أظهرته لكان فهما تذكر إحداهما الأخرى فالذكر العائد إلى المبتدأ المحذوف الضمير في قولـه إحداهما وأما الأصل في تذكر فهو من الذكر الذي هو ضد النسيان وذكرت فعل يتعدى إلى مفعول واحد فإذا نقلته بالـهمز أو ضعفت العين منه تعدى إلى مفعول آخر وذلك نحو فرّحته وأفرحته، فمن قرأ فتذكّر كان ممن جعل بالتضعيف ومن قرأ فتذْكر كان ممن فعل بالـهمزة وكلاهما سايغ والمفعول الثاني في قولـه فتذكر إحداهما الأخرى محذوف والمعنى فتذكر إحداهما الأخرى الشهادة التي تحملتاها وأما قراءة الأكثرين وهو أن تضل بفتح الألف فأن يتعلق فيها بفعل مضمر دلّ عليه هذا الكلام وذلك أحد ثلاثة أشياء: الأول: هو أن قولـه فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان يدل على قولك واستشهدوا رجلاً وامرأتين وعلى هذا فتقديره فليشهد رجل وامرأتان فتعلق أن إنما هو بهذا الفعل. والثاني: ما قالـه أبو الحسن وهو أن تقديره فليكن رجل وامرأتان وعلى هذا فيكون معناه فليحدث شهادة رجل وامرأتين حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

السابقالتالي
2 3 4 5 6