الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَمْحَقُ ٱللَّهُ ٱلرِّبَٰواْ وَيُرْبِي ٱلصَّدَقَٰتِ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ }

اللغة: المحق نقصان الشيء حالاً بعد حال يقال محقه الله يمحقه محقاً فانمحق وامتحق أي هلك وتلف بذهابه حالاً بعد حال والمحاق آخر الشهر لانمحاق الـهلال فيه والأَثيم المتمادي في الإِثم الفاعل للإِثم. المعنى: ثم أكد سبحانه ما تقدم بقوله { يمحق الله } أي ينقص الله { الربا } حالاً بعد حال إلى أن يتلف المال كلـه، وقال ابن عباس معناه يهلكه ويذهب ببركته وقيل للصادق ع وقد يرى الرجل يربي فيكثر مالـه فقال يمحق الله دينه وإن كثر مالـه وقال أبو القاسم البلخي يمحقه الله في الدنيا بسقوط عدالته والحكم بفسقه والتسمية بالفسق { ويربي الصدقات } أي وينمي الصدقات ويزيدها بأن يثمر المال في نفسه في العاجل وبالأجر عليه والثواب في الأَجل وذلك بحسب الانتفاع بها وحسن النية فيها وقد روي عن النبي ع أنه قال: " إن الله تعالى يقبل الصدقات ولا يقبل منها إلا الطيب ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مُهره أو فصيلـه حتى أن اللقمة لتصير مثل أُحد " والنكتة في الآية أن المربي إنما يطلب بالربى زيادة المال ومانع الصدقة إنما يمنعها لطلب زيادة المال فبين الله سبحانه أن الربا سبب النقصان دون النماء وأن الصدقة سبب النماء دون النقصان. { والله لا يحب كل كفار أثيم } الكفار فعال من الكفر وهو المقيم عليه المستمسك به المعتاد لـه ومعناه والله يبغض كل كفار لنعمته باستحلال الربا منهمك في غوايته متماد في إثمه بأكلـه وإنما لم يقل كل كافر لأَنه إذا استحلّ الربا صار كافراً لأَنه إذا كثر أكلـه للربا مع الاستحلال فقد ضم كفراً إلى كفر وإذا استحل الربا ولم يعقد عقد الربا لم يلحقه من المندمة ما يلحق من جميع بين الأَمرين فالجامع بين الأَمرين يستدعي من غضب الله ما لا يستدعيه أحد الأَمرين وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكلـه أصابه من غباره ".