الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ }

اللغة: النذر هو عقد المرء على النفس فعل شيء من البر بشرط ولا ينعقد ذلك إلا بقولـه للـهِ عَليّ كذا ولا يثبت بغير هذا اللفظ وأصل النذر الخوف لأَنه يعقد ذلك على نفسه خوفَ التقصير في الأمر ومنه نذر الدم وهو العقد على سفكه للخوف من مضرة صاحبه قال عمرو بن معدي كرب:
هُمْ يَنْذُرُونَ دَمِي وَأنْـ   ـذُرُ إنْ لَقَيْتُ بِأنْ أشُدّا
يقال نذرت النذر أنذِرُه وَأنْذُره ومنه الإِنذار وهو الإِعلام بموضع العدو والخوف ليتقى والأَنصار جمع نصير مثل شريف وأشراف والنصير هو المُعين على العدو. الإِعراب: ما بمعنى الذي وما بعدها صلتها والعائد إليها ضمير المفعول المحذوف من أنفقتم تقديره وما أنفقتموه وهو في موضع رفع بالابتداء وخبره فإن الله يعلمه والعائد إلى المبتدأ من الخبر الـهاء في يعلمه ولا يجوز أن يعود إلى النفقة لأَنها مؤنثة ولا النفقة والنذر لأَن ذلك يوجب التثنية، وأقول يجوز أن يكون ما للجزاء ويكون منصوباً بأنفقتم ولا يحتاج فيه إلى حذف المفعول فيكون التقدير أيّ شيء أنفقتم أو نذرتم والفاء في موضع الجزاء من نفقة الجار والمجرور في محل النصب على الحال من أنفقتم وذو الحال ما. المعنى: ثم عاد سبحانه إلى ذلك الإِنفاق والترغيب فيه فقال { وما أنفقتم من نفقة } أي ما تصدقتم به من صدقة مما فرض الله عليكم وقيل معناه ما أنفقتم في وجوه الخير وسبل البر من نفقة واجبة أو مندوب إليها { أو نذرتم من نذر } أي ما أوجبتموه أنتم على أنفسكم بالنذر فوفيتم به من فعل بر مثل صلاة أو صوم أو صدقة ونحو ذلك { فإن الله يعلمه } معناه يجازي عليه لأَنه عالم فدلّ ذكر العلم على تحقيق الجزاء إيجازاً للكلام { وما للظالمين } أي ليس للواضعين النفقة والنذر في غير موضعهما مثل أن ينفق رياء أو ضراراً أو شقاقاً أو من مال مغضوب أو مأخوذ من غير حلّـه أو بنذر في معصية أو يترك الوفاء به مع القدرة عليه { من أنصار } من أعوان يدفعون عذاب الله عنهم.