الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }

القراءة: قرأ أهل المدينة أنا أحيي بإثبات الألف في أنا والمد إذا كان بعدها همزة مضمومة أو مفتوحة نحو أنا أخوك فإن كان بعدها همزة مكسورة نحو إن أنا إلا نذير حذفوا الألف إجماعاً. الحجة: الأصل في أنا الـهمزة والنون وإنما يلحقها الألف في الوقف كما أن الـهاء تلحق للوقف في مسلمونه وكما أن الـهاء التي تلحق للوقف تسقط في الوصل كذلك هذه الألف تسقط في الوصل وقد جاءت ألف مثبتة في الوصل في الشعر نحو قول الأعشى:
فَكَيْفَ أَنا وَانْتِحالُ القَوافي   بَعْدَ المشيبِ كفَى ذاكَ عارا
وقول الآخر:
أَنا شَيْخُ العَشَيرةِ فَاعْرِفُوني   حَمِيداً قَدْ تَذَرَّيتُ السَّناما
قال أبو علي وما روي في إثبات الألف في أنا إذا كان بعد الألف همزة فإني لا أعلم بين الـهمزة وغيرها من الحروف فصلاً ولا شيئاً يجب من أجلـه إثبات الألف التي حكمها أن تثبت في الوقف. اللغة: في بُهت أربع لغات بَهُت على وزن ظَرُف وبَهِت على وزن حَذِر وبَهَت على وزن ذَهَب وبهت على وزن ما لم يسم فاعلـه وهذا هو الأفصح وعليه القراءة يقال بهت الرجل يبهت بهتاً إذا انقطع وتحير ويقال بَهَتُّ الرجل أبهته بهتاناً إذا قابلته بكذب فالبهت الحيرة عند استيلاء الحجة لأنها كالحيرة للمواجه بالكذب لأن تحير المكذب في مذهبه كتحير المكذوب عليه ومنه قولـهأتأخذونه بهتاناً } [النساء: 20] قال: أتأخذونه ادعاء للكذب فيه. الإعراب: ألم تر إلى الذي إنما أدخلت إلى في الكلام للتعجب من حال الكافر المحاج بالباطل كما يقولون أما ترى إلى فلان كيف يصنع ومنه معنى هل رأيت فلان في صنيعه كذا فإنما دخلت إلى من بين حروف الجر لـهذا المعنى لأنها لما كانت بمعنى الغاية والنهاية صار الكلام بمنزلة هل انتهت رؤيتك إلى من هذه صفته ليدل على بُعد وقوع مثلـه على التعجيب منه لأن التعجيب إنما يكون مما استبهم سببه ولم تجر العادة به وقد صارت إلى ها هنا بمنزلة كاف التشبيه لما بَيّنا من العلة إذ كان ما ندر مثلـه كالذي يبعد وقوعه. المعنى: لما بيّن تعالى أنه ولي المؤمنين وإن الكفار لا وليّ لـهم سوى الطاغوت تسلية لنبيه صلى الله عليه وسلم قصّ عليه بعده قصة إبراهيم ونمرود فقال { ألم تر } يا محمد أي ألم ينته علمك ورؤيتك { إلى الذي حاج إبراهيم } أي إلى من كان كالذي حاجّ فكأنه قال أهل رأيت كالذي حاج أي خاصم وجادل إبراهيم وهو نمرود بن كنعان وهو أول من تجبّر وادعى الربوبية عن مجاهد وغيره وإنما أطلق لفظ المحاجة وإن كانت مجادلة بالباطل ولم تكن لـه فيه حجة لأن في زعمه أن لـه فيه حجة واختلف في وقت هذه المحاجة فقيل عند كسر الأصنام قبل إلقائه في النار وجعلـها عليه برداً وسلاماً عن الصادق ع وفي { في ربه } أي: في رب إبراهيم الذي يدعو إلى توحيده وعبادته.

السابقالتالي
2 3