الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَمَّا بَرَزُواْ لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُواْ رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ }

اللغة: البروز أصلـه الطهور ومنه البراز وهي الأرض الفضاء ورجل بَرْزٌ وامرأة بَرْزَةٌ أي ذو عفةٍ وفضلٍ لظهور ذلك منهما والإفراغ الصب للسيال على جهة إخلاء المكان منه يقال فَرغَ يَفْرُغَ فراغاً وأفراغ إفراغاً وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً أي: خالياً من الصبر وأصل الفراغ الخلو والتثبيت تمكين الشيء في مكانه للزومه إياه وقد يقال ثَبتّه بمعنى حكم بوجوده ورجلٌ ثَبْتُ المقام إذا كان شجاعاً لا يبرح موقفه، وَطَعَنه فأثبت فيه الرمح أي نفذ فيه لأنه يلزم فيه وأثبت حجته أي أقامها، ورجل ثَبَتٌ أي ثقة مأمون فيما روي، والنصر هو المعونة على العدو ويكون ذلك بأشياء منها بزيادة القوة ومنها بالرعب عن الملاقاة ومنها بالاطلاع على العورة ومنها بتخيل الكثرة ومنها باختلاف الكلمة، والفرق بين النصر واللطف أن كل نصر من الله فهو لطف وليس كل لطف نصراً لأن اللطف يكون في أخذ طاعة بدلاً من معصية وقد يكون في فعل طاعة من النوافل والنصر فعل الله والصبر من فعل العبد لأنه يجازي عليه وهو حبس النفس عما تنازع إليه من الفعل وهو ها هنا حبسها عما تنازع إليه من الفرار من القتال. المعنى: { ولما برزوا } أي ظهر طالوت والمؤمنون معه لمحاربة: { جالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ } أي أصب: { علينا صبراً } أي وفقنا للصبر على الجهاد وشبهه بتفريغ الإناء من جهة أنه نهاية ما توجبه الحكمة كما أنه نهاية ما في الواحد من الآنية: { وثبت أقدامنا } أي وفقنا للثبوت على الأمر { وانصرنا } أعِنّا: { على } جهاد: { القوم الكافرين } قوم جالوت.