الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـٰذَا ٱلَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَٰبِهاً وَلَهُمْ فِيهَآ أَزْوَٰجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ }

اللغة: البشارة هي الإخبار بما يسر المخبر به إذا كان سابقاً لكل خبر سواه لأن الثاني لا يسمى بشارة وقد قيل للإخبار بما يغمّ أيضاً بشارة كقولـه تعالى:فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [آل عمران: 21] وذلك على سبيل التوسع وهي مأخوذة من البَشَرة وهي ظاهر الجلد لتغيرها بأول خبر وتباشير الصبح أولـه والجنات جمع الجنة وهي البستان والمراد بذلك الجنة ما في الجنة من أشجارها وثمارها دون أرضها فلذلك قال: { تجري من تحتها الأنهار } لأن من أراد الخبر عن ماء أنهارها بأنه جار تحت الأشجار لأن الماء إذا كانت تحت الأرض فلا حظ فيها للعيون على أنه روي عن مسروق أن أنهار الجنة جارية في غير أخاديد رواه عنه أبو عبيدة وغيره وأصلها من الجنّ وهو الستر ومنه الجن لتسترها عن عيون الناس والجنون لأنه يستر العقل والجُنة لأنها تستر البدن والجنين لتستره بالرحم. قال المفضل البستان إذا كان فيه الكرم فهو فردوس سواء كان فيه شجر غيره أو لم يكن والجنة كل بستان فيه نخل وإن لم يكن فيه غيره والأزواج جمع زوج والزوج يقع على الرجل والمرأة ويقال للمرأة زوجة أيضاً وزوج كل شيء شكله والخلود الدوام والبقاء. الإعراب: موضع أنّ مع اسمه وخبره نصب معناه بشر المؤمنين بأن لهم جنات فلما سقطت الباء أفضى الفعل إلى أنّ فنصبه. وعلى قول الخليل يكون أن في موضع جر وإن سقطت الباء وجنات منصوب بأنه اسم أنّ ولهم الجار والمجرور في موضع خبره والتاء تاء جماعة المؤنث تكون في حال النصب والجر على صورة واحدة كما أن ياء جماعة الذكور في الزيدين ونحوه يكون في حال النصب والجر على صورة واحدة وقولـه: { تجري } مع ما اتصل به جملة منصوبة الموضع بكونها صفة لجنات وكُلَّما ضم كل إلى ما الجزاء فصارا أداة للتكرار وهو منصوب على الظرف والعامل فيه رزقوا منها من ثمرة من مزيدة أي ثمرة. وقال علي بن عيسى هي بمعنى التبعيض لأنهم يرزقون بعض الثمرات في كل وقت ويجوز أن يكون بمعنى تبيين الصفة وهو أن الرزق من أي جنس هو ومن قبل تقديره أي من قبل هذا الزمان أو هذا الوقت فحذف المضاف إليه منه لفظاً مع أن الإضافة مرادة معنى فبني لأجل مشابهته الحرف وإنما بني على الحركة ليدلّ على تمكنه في الأصل وإنما خص بالضم لأن إعرابه عند الإضافة كان بالفتح أو الجر نحو من قبلِك وقبلَك لكونه ظرفاً فبني على حركة لم تكن تدخلها في الإعراب وهي الضمة وموضعه نصب على الظرف ومتشابهاً نصب على الحال وأزواج رفع إما بالإبتداء أو بالظرف.

السابقالتالي
2