الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلْمَلإِ مِن بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَىۤ إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ٱبْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَآ أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }

القراءة: قرأ نافع وحده عسيتم بكسر السين والباقون بفتحها. الحجة: المشهور في عسيت فتح السين ووجه قراءة نافع أنهم قالوا هو عَسٍ بذلك وما عساه واعس به حكاه ابن الأعرابي. وهذا يقوي قراءة نافع لأن عسٍ مثلٍ حرٍ وشجٍ وقد جاء فَعَل وفَعِل مثل نَقَم ونَقِم ووَرَتْ بك زِنادي ووَرِيتْ فكذلك عَسَتْ وعَسِيَتْ فإن أسند الفعل إلى ظاهر فقياس عسيتم أن تقول عَسِى زيدٌ مثل رَضِي فإن قالـه فهو قياس قولـهِ وإن لم يقلـه فسائغ لـه أن يأخذ باللغتين معاً ويستعمل احداهما في موضع والأخرى في موضع آخر كما فعل ذلك غيره. اللغة: الملأ الجماعة الأشراف من الناس " وروي أن رجلاً من الأنصار قال يوم بدر إن قتلنا إلاّ عجايز صُلْعاً فقال النبي: " أولئك الملأ من قريش لو رأيتهم في أنديتهم لـهبتهم ولو أمروك لأطعتهم ولاحتقرت فعالك عند فعالـهم " " وملأت الإناء أترعته لأنه يجتمع فيه مالاً يكون مزيد عليه ومالأت الرجل عاونته وتَمالأوا على ذلك إذا تعاونوا وملأ الرجل ملاءة فهو ملّي بالأمر إذا أمكنه القيام به والملأ الخلق لأن جميع أفعال صاحبه يجري عليه يقال أحسنوا أملاءكم أي أخلاقكم قال:
تَنَادَوْا يالَ بُهْثَةَ إذْ رَأوْنا   فَقُلْنَا أحْسِنِي مَلأً جُهَيْنا
وأصل الباب الاجتماع فيما لا يحتمل المزيد وإنما سمي الأشراف ملأ لأنه لا مزيد على شرفهم وقيل لأن هيبتهم تملأ الصدور والملأ مقصوراً المتسع من الأرض قال الشاعر:
ألا غَنِيّانِي وَارْفَعا الصّوْتَ بِالمَلا   فَإنَّ الْمِــــلا عِنْدي يزيدُ المدَى بَعْدا
الإعراب: من بني إسرائيل الجار والمجرور في محل النصب على الحال والعامل فيه تر وذو الحال الملأ و من بعد موسى في موضع الحال أيضاً وهو حال بعد حال أو حال من الضمير في الجار والمجرور قبلـه وقولـه نقاتل جزم على الجواب للمسألة التي هي على لفظ الأمر أي أن تبعث لنا ملكاً نقاتل ولو كان بالياء لجاز الرفع على أن يكون صفة للملك قال الزجاج: والرفع في نقاتل بعيد يجوز على معنى فإنا نقاتل في سبيل الله وكثير من النحويين لا يجيز الرفع فيه وقولـه ألا تقاتلوا في موضع نصب لأنه خبر عسى وقولـه وما لنا أن لا نقاتل قال أبو الحسن الأخفش فيه وفي قولـه ما لكم أن لا تأكلوا إن أنْ زائدة كأنه قال ما لنا لا نقاتل وما لكم لا تأكلون كقولـه ما لكم لا تنطقون وما لك لا تأمنا وقع الفعل المنفي موقع الحال كما وقع الموجب موقعه في قولك ما لك تفعل، وقد يقال أيضاً في نحو ذلك أن المعنى وما لنا في أن لا نقاتل وما لكم في أن لا تأكلوا فكأنه حمل الآية على وجهين قال أبو علي: والقول الثاني أوضح ويكون أنْ مع حرف في موضع نصب الحال كقولـه تعالى:

السابقالتالي
2 3