الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }

القراءة: فيضاعفه فيه أربع قراءات قرأ أبو عمرو ونافع وحمزة والكسائي فيضاعفه بالألف والرفع وقرأ عاصم الألف والنصب وقرأ ابن كثير وأبو جعفر فيُضعِفه بالتشديد والرفع وقرأ ابن عامر ويعقوب بالتشديد والنصب وقرأ أبو عمرو والكسائي وحمزة يبسط وبسطه وفي الأعراف أيضاً بالسين وروي عنهم أيضاً بالصاد ويعقوب وهشام بالسين والباقون مختلف عنهم. الحجة: قال أبو علي للرفع في قولـه فيضاعفه وجهان أحدهما: أن يعطفه على ما في الصلة. والآخر: أن يستأنفه فأما النصب في فيضاعفه فالرفع أحسن منه ألا ترى أن الاستفهام إنما هو عن فاعل الإقراض لا عن الإقراض، وإذا كان ذلك لم يكن مثل قولك أتقرضني فأشكرك لأن الاستفهام ها هنا عن الإقراض ووجه قول ابن عامر وعاصم في النصب من فاء فيضاعفه أنه حمل الكلام على المعنى وذلك أنه لما كان المعنى أيكون قرض حمل قولـه فيضاعفه على ذلك كما أن من قرأ { من يضلل الله فلا هادي ويذرهم } جزم قولـه ويذرهم لما كان معنى قولـه فلا هادي لـه لا يهده ونحو ذلك مما يحمل فيه الكلام على المعنى دون اللفظ كثير، فأما القول في يضاعف ويضعف فكل واحد منهما في معنى الآخر وقولـه أضعافاً منصوب على الحال وتقديره فيكثره فإذا هي أضعاف فيكون حالاً بعد الفراغ من الفعل، ووجه قول من أبدل من السين الصاد في هذه المواضع التي ذكرت أن الطاء حرف مستعل يتصعد من مخرجها إلى الحنك ولم يتصعد السين تصعدها فكره التصعد عن التسفل فأبدل من السين حرفاً في مخرجها في تصعد الطاء فتلاءم الحرفان وصار كل واحد منهما وفق صاحبه في التصعد فزال في الابدال ما كان يكره من التصعد عن التسفل ولو كان اجتماع الحرفين على عكس ما ذكرناه وهو أن يكون التصعد قبل التسفل لم يكره ذلك ولم يبدلوا ألا ترى أنهم قالوا طسم الطريق وقسوت وقست فلم يكرهوا التسفل عن تصعد كما كرهوا بسط حتى قالوا بصط فأبدلوا فأما من لم يبدل السين في بسط وترك السين فلأنه الأصل ولأن ما بين الحرفين من الخلاف يسير فاحتمل الخلاف لقلته. اللغة: القرض هو قطع جزء من المال بالإعطاء على أن يرّد بعينه أو يرد مثلـه بدلاً منه وأصل القرض القطع بالمناب يقال قرض الشيء يقرض إذا قطعه بنابه وأقرض فلان فلاناً إذا أعطاه ما يتجازاه منه والاسم منه القرض والتضعيف والمضاعفة والأضعاف بمعنى وهو الزيادة على أصل الشيء حتى يصير مثلين أو أكثر، تقول ضعفّت القوم أضعّفهم إذا كثرتهم فصرت مع أصحابك على الضعف منهم، وضعف الشيء مثلـه في المقدار إذا زيد عليه فكل واحد منهما ضعف وضَعف الشيء ضَعْفاً وضِعْفاً.

السابقالتالي
2