الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ ٱلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ ٱلنِّكَاحِ وَأَن تَعْفُوۤاْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلاَ تَنسَوُاْ ٱلْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }

القراءة: روي في الشواذ عن الحسن أو يعفو الذي بيده بسكون الواو وعَن علي ع ولا تَنَاسُوا الفضل. الحجة: قال ابن جني: سكون الواو من المضارع في موضع النصب قليل وسكون الياء فيه أكثر وأصل السكون في هذا إنما هو للألَف نحو أن يسعى ثم شبهت الياء بالألف لقربها منها نحو قولـه:
كَأَنَّ أيْديهِــــنَّ بالمومـــاةِ   أَيْدِي جَوازٍ بِتْنَ ناعِمات
وقولـه:
كأنّ أيْديهِنّ بالقاعِ القَرِقْ   
ثم شبهت الواو في ذلك بالياء قال الأخطل:
إذا شِئْتَ أنْ تَلْـهو بِبَعْضِ حَدِيثِها   رَفَعْنَ وَأنْزَلْنَ الْقَطِينَ المُوَّلَدا
وقال:
أبى الله أن أسْمو بأم ولا أبِ   
وأما قولـه تعالى: { ولا تناسوا } فإنما هو نهي عن فعلـهم الذي اختاروه وتظاهروا به كما يقال تغافل وتصامَّ وتحسن هذه القراءة إنك إنما تنهى الإِنسان عن فعلـه والنسيان ظاهره أن يكون من فعل غيره كأنه أنْسِيَ فنسي قال الله سبحانه:وما أنسانيه إلا الشيطان } [الكهف: 63]. الإِعراب: فنصف ما فرضتم رفع تقديره عليكم نصف ما فرضتم وقولـه { يعفون } في موضع نصب بأن إلاَّ أن فعل المضارع إذا اتصل به نون ضمير جماعة المؤنث بني فيستوي في الرفع والنصب والجزم وأن يعفون موصول وصلة في محل النصب على الاستثناء أو يعفوَ تقديره أو أن يعفو وهو في محل النصب بالعطف على الموصول والصلة قبلـها وأن تعفوا في موضع الرفع بالإبتداء وأقرب خبره وتقديره والعفو أقرب للتقوى واللام يتعلق بأقرب وهو بمعنى من أول إلى والألف واللام في النكاح بدل من الإضافة إذا المعنى أو يعفو بيده عقدة نكاحه ومثلـه قولـه:فإن الجنة هي المأوى } [النازعات: 41] ومعناه هي مأواه. المعنى: ثُمّ بَيَّن سبحانه حكم الطلاق قبل المسيس بعد الفرض فقال { وإن طلقتموهن } يعني إن طلقتم أيها الرجال النساء { من قبل أن تمسوهن } أي تجامعوهن { وقد فرضتم لـهن فريضة } أي أوجبتم لـهن صداقاً وقدرتم مهراً { فنصف ما فرضتم } أي فعليكم نصف ما قدرتم وهو المهر المسمى { إلا أن يعفون } يعني الحرائر البالغات غير المولى عليهن لفساد عقولـهن أي يتركن ما يجب لـهن من نصف الصداق فلا يطالبن الأَزواج بذلك عن ابن عباس ومجاهد وسائر أهل العلم { أو يعفو } أي يترك ويهب الذي بيده عقدة النكاح قيل هو الولي عن مجاهد وعلقمة والحسن، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وهو مذهب الشافعي غير أن عندنا الولي هو الأَب أو الجد مع وجود الأَب الأدنى على البكر غير البالغ فأما من عداهما فلا ولاية لـه إلا بتوليتها إياه، وقيل هو الزوج ورووه عن علي وسعيد بن المسيب وشريح وإبراهيم وقتادة والضحاك وهو مذهب أبي حنيفة، ورواه أيضاً أصحابنا غير أن الأَول أظهر وهو المذهب ومن جعل العفو للزوج قال: لـه أن يعفو عن جميع النصف، ومن جعلـه للولي من أصحابنا قال: لـه أن يعفو عن بعضه وليس لـه أن يعفو عن جميعه فإن امتنعت المرأة عن ذلك لم يكن لـها ذلك إذا اقتضته المصلحة عن أبي عبد الله.

السابقالتالي
2