الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ ٱلنِّسَآءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِيۤ أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـٰكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُوۤاْ عُقْدَةَ ٱلنِّكَاحِ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْكِتَابُ أَجَلَهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِيۤ أَنْفُسِكُمْ فَٱحْذَرُوهُ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

النزول: آية في الكوفي وآيتان في غيرهم يترك قولاً معروفاً الكوفي. اللغة: التعريض ضد التصريح وهو أن تضمن الكلام دلالة على ما تريد وأصلـه من العرض من الشيء الذي هو جانبه وناحية منه وفي الحديث: " من عرّض عرّضنا ومن مشى على الكلأ ألقيناه في النهر " ومعناه من عرّض بالقذف عرّضنا لـه بتأديب لا يبلغ الحدّ ومن صرح ألقيناه في النهر ومعناه من عرّض بالقذف عرّضنا لـه بتأديب لا يبلغ الحدّ ومن صرح ألقيناه في نهر الحد والفرق بين التعريض والكناية أن التعريض تضمين الكلام دلالة على شيء ليس فيه ذكر لـه والكناية العدول عن الذكر الأخص بالشيء إلى ذكر يدل عليه فالأول: كقول القائل ما أقبح البخل تعرّض بأن المخاطب بخيل والثاني: كقولك زيداً ضربته كنيت عنه بالـهاء والخِطبة الذكر الذي يستدعي به إلى عقدة النكاح أخذ من الخطاب وهو توجيه الكلام للإِفهام والخُطبة الوعظ المتسق على ضرب من التأليف وقيل الخُطبة ما لـه أول وآخر مثل الرسالة والخِطبة للحال نحو الجِلسة والقِعدة، والأَكنان الستر للشيء والكنّ الستر أيضاً والفرق بين الأكنان والكن أن الأَكنان الإِضمار في النفس ولا يقال كننته في نفسي والكنّ في معنى الصون وفي التنزيلبيض مكنون } [الصافات: 49] والكانون يحتاج إليه في وقت الاكتنان من البرد والكنانة الكعبة الصغيرة تتخذ للنبل والسر في اللغة على ثلاثة أوجه في النفس والشرف في الحسب يقال فلان في سر قومه أي في صميمهم والجماع في الفرج قال امرؤ القيس:
أَلا زَعَمَتْ بَسْباسَةُ اليَوْمَ أنَني   كَبُرتُ وأَنْ لا يَشَهَدُ السِرَّ أَمْثالي
وقال الأعشى:
وَلاَ تَنكِحَنَّ جارَةً إِنَّ سِرَّها   عَلَيْكَ حَرامٌ فَانْكِحَنْ أَوْ تَأَبَّدا
والعزم عقد القلب على أمر تفعلـه وفي الحديث: " خير الأمور عوازمها " يعني ما وكّدت عزمك عليه والعُقدة من العَقد وهو الشدّ وفي المثل: يا عَاقِدُ اذكُرْ حَلاًّ، وعقد اليمين خلاف اللغو. الإِعراب: فيما عرضتم الجار والمجرور في موضع الحال وكذا في قولـه { من خطبة النساء } { أن تقولوا } في موضع نصب بدل من سراً تقديره ولا تواعدوهن إلا قولاً معروفاً ولا تعزموا عقدة النكاح أي على عقدة النكاح فحذف على استخفافاً كما قالوا ضُرب زيد الظهر والبطن معناه على الظهر والبطن قال سيبويه: إن الحذف في هذه الأشياء لا يقاس عليه. لما تقدم ذكر عدة النساءَ وجواز الرجعة فيها للأَزواج عقّبه ببيان حال غير الأَزواج فقال { ولا جناح عليكم } أي لا حرج ولا ضيق عليكم يا معشر الرجال { فيما عرضتم به من خطبة النساء } المعتدات ولم تصرحوا به وذلك بأن تذكروا ما يدل على رغبتكم فيها ثم اختلف في معناه فقيل التعريض هو أن يقول الرجل للمعتدة إني أريد النكاح وإني أحب امرأة من صفتها كذا وكذا فيذكر بعض الصفات التي هي عليها عن ابن عباس، وقيل إن يقول إنكِ لنافعة وإنك لموافقة لي وإنك لمعجبة جميلة فإن قضى الله شيئاً كان عن القاسم بن محمد والشعبي، وقيل هو كل ما كان من الكلام دون عقدة النكاح عن ابن زيد.

السابقالتالي
2