الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْخَمْرِ وَٱلْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ ٱلْعَفْوَ كَذٰلِكَ يُبيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمُ ٱلأيَٰتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ } * { فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ٱلْمُفْسِدَ مِنَ ٱلْمُصْلِحِ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَعْنَتَكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

آيتان في الكوفي وآية واحدة فيما عدّ الكوفي تتفكرون آية وتركها غيره. القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم إثم كثير بالثاء والباقون بالباء وقرأ أبو عمرو وحده قل العفو بالرفع والباقون بالنصب. الحجة: قال أبو علي حجة من قرأ بالباء أن يقول الباء أولى لأن الكبر مثل العظم ومقابلـه الصغر والكبير العظيم قال تعالى:وكل صغير وكبير مستطر } [القمر: 53] وقد استعملوا في الذنب إذا كان موبقاً الكبيرة كقولـه:كبائر ما تنهون عنه } [النساء: 31] وكبائر الإثم } [الشورى: 37] فلذلك ينبغي أن يكون قولـه: { قل فيهما إثم كبير } بالباء لأن شرب الخمر والميسر من الكبيرة وقالوا في غير الموبق صغير وصغيرة ولم يقولوا قليل ومقابل الكثير القليل كما أن مقابل الكبير الصغير ويدل على ذلك أيضاً قولـه: { وإثمهما أكبر من نفعهما } واتفاقهم هنا على أكبر ورفضهم لأكثر ووجه قراءة من قرأ بالثاء أنه قد جاء فيهما إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وفي الحديث: " لعن الرسول في الخمر عشرة مشتريها والمشتراة لـه وعاصرها والمعصورة لـه وساقيها والمستقي لـها وحاملـها والمحمولة إليه وآكل ثمنها " فهذا يقوي قراءة من قرأ كثير وأما وجه قول من نصب العفو فهو أنّ قولـهم ماذا يستعمل على ضربين أحدهما: أن يكون ما مع ذا اسماً واحداً والآخر: أن يكون ذا بمعنى الذي فالأول قول العرب عما ذا تسئل أثبتوا الألف في ما لِما كان ما مع ذا بمنزلة اسم واحد فإن الحذف إنما يقع إذا كانت الألف آخراً ومن ذلك قول الشاعر:
يا خُزْرَ تَغْلِبَ ماذا بَالُ نِسْوَتِكُمْ   لاَ يَسْتَفِقْنَ إلى الدَّيْرَيْنِ تَحْنَانَا
أي ما بال نسوتكم فإذا كان ما مع ذا بمنزلة اسم واحد كان قولـه ماذا ينفقون في موضع نصب بمنزلة ما ينفقون أي أيَّا ما ينفقون فجواب هذا العفو بالنصب وأما وجه قول من رفع فهو أن يجعل ماذا على الضرب الآخر فيكون تقديره ما الذي ينفقون فجوابه العفو على أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي الذي ينفقون العفو ومثلـه في التنزيلوإذا قيل لـهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين } [النحل: 24] واعلم أن سيبويه لا يجوّز أن يكون ذا بمنزلة الذي إلا في هذا الموضع لما قامت الدلالة على ذلك والكوفيون يجيزون في غير هذا الموضع ويحتجون بقول الشاعر:
عَدَسْ ما لِعَبَّادٍ إمارَةٌ   نَجَوتِ وَهذا تَحْمِلينَ طَليقُ
وبقولـه سبحانهوما تلك بيمينك يا موسى } [طه: 17] ولا دلالة لـهم في الآية فإن قولـه بيمينك يجوز أن يكون ظرفاً في موضع الحال فلا يكون صلة وكذلك تحملين في البيت والعامل في الحال في الموضعين ما في المبهم من معنى الفعل.

السابقالتالي
2 3 4