الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

اللغة: الصَدّ والمنع والصرف نظائر يقال صَدَّ عن الشيء يَصِدُّ صُدوداً وصَدّاً إذا أعرض وعدل عنه وصدّ غيره يصُده صدّاً إذا عدل به عنه ومنعه والصَددَ ما استقبلك وصار في قُبالتك لأنه يعدل إلى مواجهتك والصِدُّان ناحيتا الشعب والوادي والصُدّا ضرب من الجِرذْان يعد لك لشدة تحرّزه والصُدُّاد الوزغ لأنه يعد عنه استقذاراً لـه وأصل الباب العدول لا يزال أصلـه من الزوال وهو العدول ومعنى لا يزال يدوم موجوداً وما زال أي دام. وحبط عمل الرجل حَبَطا وحُبُوطاً أحبطه الله إحباطاً والحبط فساد يلحق الماشية في بطونها لأكل الحباط وهو ضرب من الكلأ يقال حبطت الإبل تحبط حبطاً إذا أصابها ذلك ثم سمي الـهلاك حبطاً وفي الحديث: " إن ممّا يُنبت الربيع ما يقتل حبطاً أو يُلِمُّ ". الإعراب: قتال فيه مجرور على البدل من الشهر وهو بدل الاشتمال لأن الزمان يشتمل على ما يقع فيه ومثلـه في المكان قولـه:قتل أصحاب الأخدود النار } [البروج: 4] وقال الأعشى:
لَقَدْ كَانَ في حَوْلٍ ثَواءٍ ثَوَبْتُهُ   تَقَضّى لَبَانَاتٍ وَيَسْأَمُ سائِمُ
وقال الكوفيون هو مجرور على إضمار عن. وقال بعضهم: هو على التكرير هذه ألفاظ متقاربة في المعنى وإن اختلف في العبارة عنه وقولـه قتال مرفوع بالابتداء و كبير خبره وصَدُّ عن سبيل الله مبتدأ وكفر به معطوف عليه وإخراج أهلـه منه معطوف عليه أيضاً وخبره أكبر عند الله أي هذه الأشياء أكبر عند الله أي أعظم إثماً وأجاز الفراء رفعه على وجهين أحدهما: أنه مردود على كبير أي قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به أي القتال قد جمع أنه كبير وأنه صد عن سبيل الله وكفر به والآخر: أن يجعل الصد الكبير أي القتال فيه كبير والصد عن سبيل الله كبير فيكون مرتفعاً بالابتداء وخبره محذوف وخطّأه العلماء بالنحو قالوا لأنه يصير المعنى في التقدير الأول قل القتال في الشهر الحرام كفر بالله وهذا خطأ بالإجماع ويصير التقدير في الثاني وإخراج أهلـه منه أكبر عند الله من الكفر وهذا أيضاً خطأ بالإجماع وللفراء أن يقول في هذه: المعنى وإخراج أهلـه منه أكبر من القتل فيه لا من الكفر به لأن المعني في إخراج أهلـه منه إخراج النبي والمؤمنين بعده فأما الوجه الأول فلا مخلص للفراء منه والمسجد الحرام مجرور عطف على سبيل الله كأنه قال وصد عن سبيل الله وعن المسجد الحرام وهو قول المبرد. وقيل: إنه عطف على الشهر الحرام كأنه قال: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام والمسجد الحرام وهو قول الفراء، ولا يجوز حملـه على الباء في قولـه وكفر به لأنه لا يعطف على الضمير المجرور إلا بإعادة الجار إلا في الضرورة الشعر ومن يرتدد على إظهار التضعيف لسكون الثاني ويجوز يرتدَّ بفتح الدال على التحريك لالتقاء الساكنين بأخف الحركات ويجوز بكسر الدال على أصل التحريك لالتقاء الساكنين والفتح أجود.

السابقالتالي
2 3