الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }

القراءة: قرأ ابن كثير فيهي هدى بوصل الهاء بياء في اللفظ وكذلك كل هاء كتابية قبلها ياء ساكنة فإِن كان قبلها ساكن غير الياء وصلها بالواو ووافقه حفص في قولـه فيهي مهاناً وقتيبة في قولـه فملاقيه وسأصليه والباقون لا يُشبعون وإِذا تحرك ما قبل الهاء فهم مجمعون على إشباعه. الحجة: اعلم أنه يجوز في العربية في فيه أربعة أوجه فيهو وفيهي وفيهُ وفيهِ والأصل فيهو كما قيل لهو مال فمن كسر الهاء من فيه ونحوه مع أن الأصل الضم فلأجل الياء أو الكسرة قبل الهاء والهاء تشبه الألف لكونها من حروف الخلق ولما فيها من الخفاء فكما نحواً بالألف نحو الياء بالإمالة لأجل الكسرة أو الياء كذلك كسروا الهاء للكسرة أو الياء ليتجانس الصوتان ومن ترك الإشباع فلكراهة اجتماع المشابهة فإن اكتنفها ساكنان من حروف اللين كان كأنّ الساكنين التقيا لخفاء الهاء فإنهم لم يعتدوا بها حاجزاً في نحو فيهي وخُذُ وهُو كما لم يعتد بها في نحو ردّ من أتبع الضم الضم إذا وصل الفعل بضمير المؤنث فقال ردها بالفتح لا غير ولم يتبع الضم الضم وجعل الدال كأنها لازقة بالألف وأما من أشبع واتبعها الياء قال الهاء وإن كانت خفية فليس يخرجها ذلك من أن تكون كغيرها من حروف المعجم التي لا خفاء فيها فإذا كان كذلك كان حجَزها بين الساكنين كحجز غيرها من الحروف التي لا خفاء فيها. اللغة: ذلك لفظة يشار بها إلى ما بَعُدَ وهذا: إلى ما قرب والاسم من ذلك ذا والكاف زيدت للخطاب ولاحظَّ لها من الإعراب واللام تزاد للتأكيد وكسرت لالتقاء الساكنين وتسقط معها هاء تقول ذاك وذلك وهذاك ولا تقول هذا لك والكتاب مصدر وهو بمعنى المكتوب كالحساب قال الشاعر:
بَشَرْتُ عِيالي إذ رَأَيْتُ صَحِيفَةً   أَتَتْكَ مِنَ الحَجَّاجِ يُتْلى كِتَابُها
أي مكتوبها وأصله الجمع من قولـهم كتبت القربة إذا خرزتها والكتبة الخرزة وكتبت البغلة إذا جمعت بين شفريها بحلقة ومنه قيل للجند كَتِيبَة لانضمام بعضهم إلى بعض والريب الشك وقيل هو أسوأ الشك وهو مصدر رابني الشيء من فلان يريبني إذا كنت مستيقناً منه بالريبة فإذا أسأت به الظن ولم تستيقن بالريبة منه قلت أرابني من فلان أمر إرابة وأراب الرجل إذا صار صاحب ريبة كما قيل ألام أي استحق أن يلام والهدى الدلالة مصدر هديته وفُعَل قليل في المصادر. قال أبو علي: يجوز أن يكون فعل مصدر اختص به المعتل وإن لم يكن في المصادر كما كان كينونة ونحوه لا يكون في الصحيح والفعل منه يتعدى إلى مفعولين يتعدى إلى الثاني منهما بأحد حرفي جر إلى أو اللام كقولـه:

السابقالتالي
2 3 4