الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَتِمُّواْ ٱلْحَجَّ وَٱلْعُمْرَةَ للَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ ٱلْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلْعُمْرَةِ إِلَى ٱلْحَجِّ فَمَا ٱسْتَيْسَرَ مِنَ ٱلْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي ٱلْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ }

اللغة: قد ذكرنا حقيقة الحج والعمرة فيما مضى عند قولـه { فمن حجّ البيت أو اعتمر } فلا معنى لإعادته والإحصار المنع يقال للرجل الذي منعه الخوف أو المرض عن التصرف قد أُحصر فهو محصر ويقال للرجل الذي حبس قد حُصر فهو محصور. وقال الفراء: يجوز أن يقوم كل واحد منهما مقام الآخر وخالفه فيه أبو العباس المبرد والزجاج. قال المبرد ونظيره حبسه جعلـه في الحبس وأحبسه عرضه للحبس وأقتلـه عرضه للقتل وكذلك حصره حبسه أي أوقع به الحصر وأحصره عرضه للحصر وحصير حصراً إذا عَيِيَ في الكلام والحصير البخيل لحبسه رِفْدَه والحصير الذي لا يبوح بسره لأنه قد حبس نفسه عن البَوْح به والحصير الحبس والحصير المِلك والحصور الـهَيُوب المُحْجِم عن الشيء والحصور الذي لا إربة لـه في النساء وأصل الباب الحبس وفي أصل الـهدي قولان أحدهما: أنه من الـهديّة يقال أهديت الـهدية إهداء وأهديت الـهدي إلى بيت الله إهداء فعلى هذا إنما يكون هدياً لأجل التقرب به إلى الله والآخر: أنه من هداه إذا ساقه إلى الرشاد فسُمّي هدياً لأنه يساق إلى الحرم الذي هو موضع الرشاد وواحد الـهدي هدية كما يقال شَرْيَة وشَرْي وتمرة وتمر وجزع الـهدي هَدِيّ على زنة فعيل كما يقال عبد وعبيد وكلب وكليب وقيل واحد الـهَدِيّ هَدِيَّة مثل مطية ومطي قال الفرزدق:
حَلَفْتُ بِرَبِّ مَكَّةَ وَالمُصَلّى   وَأَعْنـــاقَ الـهَدِيِّ مُقَلَّـــداتِ
والحلق حلق الرأس يقال حَلَقَ وحَلَّقَ والمحلق موضع الحلق بمنى والمحلّقِ الحَلاَّق وحَلَّق الطائر في الـهواء إِذا ارتفع وحَلَّق ضرعُ الناقة إِذا ارتفع لبنها والحلق مجرى الطعام والشراب في المري وحلوق الأرض مجاريها في أَوديتها وحَلاَقِ المنيةُ وأصل الاستمرار والرأس أعلى كل شيء والأذَى كل ما تأذيت به ورجل أذٍ إِذا كان شديد التأذي وأصلـه: الضرر بالشيء والنسك جمع النسيكة وهي الذبيحة ويجمع أيضاً على نسائك كصحيفة وصحائف وصحف وكلما ذبح لله نسيكة. والنسك العبادة ومنه رجل ناسك أي عابد والتمتع أصلـه الالتذاذ والاستماع. ومتعة الحجة هي أن يعتمر في أشهر الحج ثم يحل ويتمتع بالإِحلال بأن يفعل ما يفعلـه المحل ثم يحرم بالحج من غير رجوع إلى الميقات فهو إِحلال بين إحرامين وأهل الرجل زوجته والتأهل التزوج وأهل الرجل أخص الناس به وأهل البيت سكّانه وأهل الإِسلام من يدين به وأهل القرآن من يقرؤه ويقوم بحقوقه وأَهّلتُه لـهذا الأمر أي جعلته أهلاً وقولـهم أهلاً ومرحباً أي اختصاصاً بالتحية والتكرمة والعقاب مصدر يقال عاقبه عقاباً ومعاقبة وعقوبة وأصلـه من عقب الشيء أي خلفه فكأن القبيح يعقبه الشدة وعِقب الإِنسان نسلـه وعِقبه مؤخر قدميه. الإِعراب: قولـه { فما استيسر من الـهدي } موضع ما رفع كأنه قال فعليه ما استيسر ويجوز أن يكون موضعه نصباً وتقديره فأهدوا ما استيسر والرفع أولى لكثرة نطائره كقولـه { ففدية من صيام } [البقرة: 196]،

السابقالتالي
2 3 4 5