الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ }

اللغة: القتال والمقاتلة محاولة الرجل قتل من يحاول قتلـه والتقاتل محاولة كل واحد من المتعاديين قتل الآخر والاعتداء مجاوزة الحد يقال عدا طوره إذا جاوز حدّه. النزول: عن ابن عباس نزلت هذه الآية في صلح الحُديبية وذلك أن رسول الله لما خرج هو وأصحابه في العام الذي أرادوا فيه العمرة وكانوا ألفاً وأربعمائة فصاروا حتى نزلوا الحُديبية فصدّهم المشركون عن البيت الحرام فنحروا الـهَدْي بالحديبية ثم صالحهم المشركون على أن يرجع من عامه ويعود العام القابل ويخلوا لـه مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما يشاء فرجع إلى المدينة من فوره فلما كان العام المُقبل تجهّز النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي لـهم قريش بذلك وأن يصدّوهم عن البيت الحرام ويقاتلوهم وكره رسول الله قتالـهم في الشهر الحرام في الحرم فأنزل الله هذه الآية. وعن الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم هذه أول آية نزلت في القتال فلما نزلت كان رسول الله يقاتل من قاتلـه ويكفّ عمَّن كفَّ عنه حتى نزلتاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم } [التوبة: 5] فنسخت هذه الآية. المعنى: ثم بيّن سبحانه أمر الجهاد فقال مخاطباً للمؤمنيين: { وقاتلوا } أي مع الكفار { في سبيل الله } أي دين الله وهو الطريق الذي بينّه للعباد ليسلكوه على أمرهم به ودعاهم إليه { الذين يقاتلونكم } قيل أمروا بقتال المقاتلين دون النساء وقيل إنهم أمروا بقتال أهل مكة والأولى حمل الآية على العموم إلا من أخرجه الدليل { ولا تعتدوا } أي: ولا تجاوزوا من قتال من هو من أهل القتال إلى قتال من لم تؤمروا بقتالـه وقيل معناه لا تعتدوا بقتال من لم يبدأكم بقتال { إن الله لا يحبّ المعتدين } ظاهره يقتضي أن يسخط عليهم لأنه على جهة الذم لـهم وقد ذكرنا معنى المحبة لـهم فيما مضى واختلف في الآية هل هي منسوخة أم لا؟ فقال بعضهم منسوخة على ما ذكرناه وروي عن ابن عباس ومجاهد أنها غير منسوخة بل هي خاصة في النساء والذراري وقيل أمر بقتال أهل مكة وروي عن أئمتنا ع أن هذه الآية ناسخة لقولـهكفّوا أيديكم وأقيموا الصلاة } [النساء: 77] وكذلك قولـه { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } ناسخ لقولـه:ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أَذاهم } [الأحزاب: 49].