القراءة: قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر فِديةَ طعامِ مَساكينَ على إضافة فدية إلى طعام وجمع المساكين وقرأ الباقون فديةٌ منونة طعامُ رفعٌ مسكينٍ موحد مجروراً. وقرأ حمزة والكسائي ومن يَطَّوّع خيراً والباقون تطوع وقد مضى ذكره وروي في الشواذ: يطَوّقُونه عن ابن عباس بخلاف، وعائشة وسعيد بن المسيب وعكرمة وعطاء يَطَّوَّقونه على معنى يتطوَّقونه عن مجاهد، وعن ابن عباس وعن عكرمة، وروي عن ابن عباس أيضاً يتطَّيَّقونه ويُطَيِّقونه أيضاً. الحجة: من قرأ فدية طعام مسكين فطعام مسكين عطف بيان لفدية وإفراد مسكين جائز وإن كان المعنى على الكثرة لأن المعنى على كل واحد طعام مسكين. قال أبو زيد: يقال أتينا الأمير فكسانا كلنا حلة وأعطانا كلنا مائة وأما من أضاف الفدية إلى طعام كإضافة البعض إلى ما هو بعض لـه فإنه سمى الطعام الذي يفدى به فدية، ثم أضاف الفدية إلى الطعام الذي يعم الفدية وغيرها وهو على هذا من باب خاتم حديد وأما من قرأ يُطَّوِقونه فإنه يُفَّعِلونه من الطاقة فهو كقولـه يجشمونه ويكلفونه ويجعل لـهم كالطوق في أعناقهم ويَطَّوَّقُونه كقولك يتكلفونه ويتجشمونه وأما من قرأ يَطَّيَّقُونه فإنه يتطيقونه يتفعلونه إلا أن العينين أبدلتا ياء كما قالوا في تصوَّر الجرف تهيَّر ويُطَّيِقُونه يفعلونه منه. اللغة: السفر أصلـه من السفر الذي هو الكشف تقول سفر يسفر سَفْراً وانسفرت الإبل إذا انكشفت ذاهبة وسفرت الريح السحاب قال العجاج:
سفر الشمال الزبرج المزبرجا
الزبرج السحاب الرقيق وفي السفر يظهر ما لا يظهر إلا به وينكشف من أخلاق الناس ما لا ينكشف إلا به، والعِدّة فعلة من العدّ وهي بمعنى المعدود كالطحن بمعنى المطحون والحمل بمعنى المحمول والطوق الطاقة وهي القوة يقال طاق الشيء يطوقه طوقاً، والطاق إطاقة إذا قوي عليه وطوَّقه تطويقاً ألبسه الطوق وهو معروف من ذهب كان أو من فضة لأنه يكسبه قوة بما يعطيه من الجلالة وكل شيء استدار فهو طوق وطوَّقه الأمير أي جعلـه كالطوق في عنقه. الإعراب: أيّاماً قال الزجاج يجوز في انتصابه وجهان أحدهما: أن يكون ظرفاً كأنه كتب عليكم الصيام في أيام والعامل فيه الصيام كأنّ المعنى كتب عليكم أن تصوموا أياماً وقال بعض النحويين: إن مفعول ما لم يسم فاعلـه نحو قولك: أُعْطي زيد المال قال: وليس هذا بشيء لأن الأيام هاهنا متعلقة بالصوم وزيد والمال مفعولان لأعطي، ذلك أن تقيم أيهما شئت مقام الفاعل وليس في هذا إلا نصب أيام بالصيام قال أبو علي أياماً يجوز في انتصابه وجهان أحدهما: أن ينتصب على الظرف والآخر أن ينتصب انتصاب المفعول به على على السعة فإذا انتصب على أنه ظرف جاز أن يكون العامل فيه كتب فيكون التقدير كتب عليكم الصيام في أيام وإن شئت اتَّسعت فنصبته نصب المفعول به فتقول على هذا يا مكتوب أيام عليه أو يا كاتب أيام الصيام وإنما جاز إضافة اسم الفاعل أو المفعول إلى أيام لإخراجك إياه عن أن يكون ظرفاً واتساعك في تقديره اسماً وإذا كان الأمر على ما ذكرناه كان ما منعه أبو إسحاق من إجازة من أجاز إن كتب عليكم الصيام أياما بمنزلة أعطي زيد المال جائز غير ممتنع، قال: ولا يستقيم أن ينتصب أياماً بالصيام على أن يكون المعنى كتب عليكم الصيام في أيام لأن ذلك وإن كان مستقيماً في المعنى فهو في اللفظ ليس كذلك، ألا ترى أنك إذا حملته على ذلك فصلت بين الصلة والموصول بأجنبي منهما وذلك أن أياماً تصير من صلة الصيام وقد فصلت بينهما بمصدر كتب لأن التقدير كتب عليكم الصيام كتابة مثل كتابته على من كان قبلكم فالكاف في كما متعلقة بكتب وقد فصلت بها بين المصدر وصلته وليس من واحد منهما، وأقول: إنه يستقيم أن ينتصب أياماً بالصيام إذا جعلت الكاف من قولـه كما كتب على الذين من قبلكم في موضع نصب على الحال أي مفروضاً مثل ما فرض عليهم فيكون ما موصولاً و كتب صلته وفي كتب ضمير يعود إلى ما والموصول وصلته في موضع جرّ بإضافة الكاف إليه والكاف موضع النصب بأنه صفة للمحذوف الذي هو الحال من الصيام فعلى هذا لم يفصل بين الصلة والموصول ما هو أجنبي منهما على ما ذكره الشيخ أبو علي وقولـه: فعدة من أيام أخر تقديره فعليه عدة فيكون ارتفاع عدة على الابتداء، على قول سيبويه، وعلى قول الأخفش يكون مرتفعاً بالظرف على ما تقدم بيانه ويجوز أن يكون تقديره فالذي ينوب عن صومه في وقت الصوم عدة من أيام أخر فيكون عدة خبر الابتداء وأخر لا ينصرف لأنه وصف معدول عن الألف واللام لأن نظائرها من الصُغَر والكُبَر لا يستعمل إلا بالألف واللام لا يجوز نسوة صُغَر وإن تصوموا في موضع رفع بالابتداء و خير خبر لـه و لكم صفة الخبر.