الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

القراءة: قرأ أبو جعفر الميّتة مشدّدة كل القرآن وقرأ أهل الحجاز والشام والكسائي فمن اضطُرَّ غير باغ بضم النون وأبو جعفر منهم بكسر الطاء من اضطِر والباقون بكسر النون. الحجة: الميتة أصلها المييتة فحذفت الياء الثانية استخفافاً لثقل الياءَين والكسرة والأجود في القراءة الميتة بالتخفيف وقولـه فمن اضطر بالضم فهو للاتباع كما ضمت همزة الوصل في أنصروا وأما الكسرة فعلى أصل الحركة لالتقاء الساكنين وأما قراءة أبي جعفر فمن اضطر فلأن الأصل اضطرر فسكنت الراءُ الأولى للإِدغام ونقلت حركتها إلى الحرف الذي قبلها فصار اضطر والأصل أن لا تنقل حركة الراءِ عند إسكانها لأن الطاءَ على حركتها الأصلية. اللغة: الإِهلال في الذبيحة رفع الصوت بالتسمية وكان المشركون يسمّون الأوثان والمسلمون يسمون الله وانهلال المطر شدة انصبابه والهلال غرة القمر لرفع الناس أصواتهم عند رؤيته بالتكبير والمحرم يهل بالإِحرام وهو أن يرفع صوته بالتلبية واستهل الصبي إِذا بكى وقت الولادة والاضطرار كل فعل لا يمكن المفعول به الامتناع منه وذلك كالجوع الذي يحدث للإِنسان فلا يمكنه الامتناع منه والفرق بين الاضطرار والإلجاء أن الإِلجاء قد تتوفر معه الدواعي إلى الفعل من جهة الضرر والنفع وليس كذلك الاضطرار قال صاحب العين: رجل لحم إِذا كان أكولاً للحم وبيت لحم يكثر فيه اللحم وألحمت القوم إِذا قتلتهم وصاروا لحماً والملحمة الحرب ذات القتل الشديد واستلحم الطريد إِذا اتسع واللحمة قرابة النسب وأصل الباب اللزوم ومنه اللحم للزوم بعضه بعضاً وأصل البغي الطلب من قولـهم بغى الرجل حاجته يبغي بغاء قال الشاعر:
لاَ يَمْنَعَنَّكَ مِنْ بُغَا   ءِ الْخَيْرِ تَعْقَادُ التَّمَائِمْ
إِنَّ الأشَائِمَ كَالأَيامِنِ والأَيَا   مِنِ كَالأشَائِمْ
والبغاء طلب الزنا والعادي المعتدي. الإعراب: إِنما تفيد إثبات الشيء الذي يذكر بعدها ونفي ما عداه كقول الشاعر:
وإِنما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي   
وإِنما كانت لإِثبات الشيء ونفي ما سواه من قبل أنَّ إِنَّ كانت للتوكيد وانضاف إِليها ما للتوكيد أيضاً أكّدت أنّ من جهة التحقيق للشيء وأكدت ما من جهة نفي ما عداه فإِذا قلت إِنما أنا بشر فكأنك قلت ما أنا إِلا بشر ولو كانت ما بمعنى الذي لكتبت ما مفصولة ومثله قولـه تعالى:إِنما الله إِله واحد } [الأنعام: 19] أي لا إِله إِلا الله إِلا إِله واحد ومثله إِنما أنت نذير أي لا نذير إِلا أنت فإِذا ثبت ذلك فلا يجوز في الميتة إِلا النصب لأن ما كافة ولو كانت ما بمعنى الذي لجاز في الميتة الرفع وغير باغ منصوب على الحال وتقديره لا باغياً ولا عادياً ولا يجوز أن يقع إِلا ها هنا في موضع غير لما قلناه إنه بمعنى النفي ولذلك عطف عليه بلا فأما إِلا فمعناه في الأصل الاختصاص لبعض من كل وليس ها هنا كل يصلح أن يخص منه.

السابقالتالي
2