الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُوا مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَآ أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَآءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }

اللغة: ألفينا أي صادفنا ووجدنا والأب والوالد واحد والاهتداء الإِصابة لطريق الحق بالعلم. الإِعراب: أَوَلو هنا واو العطف دخلت عليها همزة الاستفهام والمراد به التوبيخ والتقريع ومثل هذه الواو أثُمَّ إِذا ما وقع آمنتم به أفلم يسيروا وإِنما جعلت همزة الاستفهام للتوبيخ لأنه يقتضي ما الإِقرار به فضيحة عليه كما يقتضي الاستفهام الإخبار بما يحتاج إِليه وإِنما دخلت الواو في مثل هذا الكلام لأنك إِذا قلت اتبعه ولو ضرك فمعناه اتبعه على كل حال وليس كذلك اتبعه لو ضرك لأن هذا خاص وذاك عام فدخلت الواو لهذا المعنى. النزول: ابن عباس قال دعا النبي ع اليهود إلى الإِسلام فقالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا فهم كانوا أعلم منا فنزلت هذه الآية. وفي رواية الضحاك عنه أنها نزلت في كفار قريش. المعنى: لما تقدم ذكر الكفار بيّن سبحانه حالهم في التقليد وترك الإِجابة إلى الإِقرار بصدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الكتاب المجيد فقال { وإِذا قيل لهم } اختلف في الضمير فقيل يعود إلى مَنْ قولـه من يتخذ من دون الله أنداداً وهم مشركو العرب وقيل يعود إلى الناس من قولـه { يا أيها الناس } فعدل عن المخاطبة إلى الغيبة كما قالحتى إِذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة } [يونس: 22] وقيل يعود إلى الكفار إِذا قد جرى ذكرهم ويصلح أيضاً أن يعود إِليهم وإِن لم يجر ذكرهم لأن الضمير يعود إلى المعلوم كما يعود إلى المذكور والقائل لهم هو النبي صلى الله عليه وسلم وآله والمسلمون. { اتبعوا ما أنزل الله } أي من القرآن وشرائع الإِسلام وقيل في التحريم والتحليل { قالوا } أي الكفار { بل نتبع ما ألفينا } أي وجدنا { عليه آباءنا } من عبادة الأصنام إِذا كان الخطاب للمشركين أو في التمسك باليهودية إِذا كان الخطاب لليهود { أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً } أي لا يعلمون شيئاً من أمور الدين { ولا يهتدون } أي لا يصيبون طريق الحق ومعناه لو ظهر لكم أنهم لا يعلمون شيئاً مما لزمهم معرفته أَكنتم تتبعونهم أم كنتم تنصرفون عن اتباعهم فإِذا صحّ أنه يجب الانصراف عن اتباعهم فقد تبيّن أن الواجب اتباع الدليل دون اتباع هؤلاء.