الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ }

اللغة: الامتراء الاستخراج وقيل الاستدرار قال الأعشى:
تَدِرُّ عَلَى أَسْوُقِ المُمْتَرِينْ   وَكْفاً إِذا مَا السَّحَابُ إرْجَحَنْ
يعني الشاكّين في دورها لطول سيرها وقيل المستخرجين ما عندها. قال صاحب العين المَرْي مسحُك ضرع الناقة تَمرِ بيدك لتسكن للحب والريح تَمرِي السحاب مَرْيا والمِرْية من ذلك والمرية الشك ومنه الامتراء والتماري والمماراة والمراء الجدال وأصل الباب الاستدرار يقال بالشكر تُمْتَرى النعم أي تستدر. الإعراب: الحق مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ذلك الحق أو هو الحق مثله مررت برجل كريم زيد أي هو زيد ولو نصب لجاز في العربية على تقدير أعلم الحق من ربك أو إقرار الحق والنون في لا تكونن نون التأكيد يؤكد بها الأمر والنهي ولا يؤكد بها الخبر لما كان يدل على كون المخبر به وليس كذلك الأمر والنهي والاستخبار فألوم الخبر التأكيد بالقسم وجوابه واختصت هذه الأَشياء بنون التأكيد ليدل على اختلاف المعنى في المؤكد ولما كان الخبر أصل الجمل أُكِدّ بأبلغ التأكيد وهو القسم. المعنى: هو { الحق من ربك } وهو ما آتاه الله من الوحي والكتاب والشرائع { فلا تكونن من الممترين } من الشاكين في الحق الذي تقدم أخبار الله تعالى به وفي عناد من كتم النبوَّة وامتناعهم من الاجتماع على ما قامت به الحجة وقيل من الممترين في شيء يلزمك العلم به وهذا أولى لأنه أعمّ والخطاب وإن كان متوجهاً إلى النبي ع فالمراد به الأمة كقولـه عز اسمهيا أيها النبي إِذا طلقتم النساء } [الطلاق: 1] وأمثاله وقيل الخطاب له لأنه يجوز عليه ذلك لملازمته أمر الله سبحانه ولو لم يكن هنالك أمر لم تصح الملازمة وفي هذا دلالة على جواز ثبوت القدرة على خلاف المعلوم خلافاً لقول المجبرة.