الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَٰهِيمُ ٱلْقَوَاعِدَ مِنَ ٱلْبَيْتِ وَإِسْمَٰعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّآ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

اللغة: الرفع والإعلاء والإصعاد نظائر ونقيض الرفع الوضع ونقيض الإصعاد الإنزال يقال رفع يرفع رفعاً وارتفع الشيء والمرفوع من عدو الفرس دون الحضر وفوق الموضوع يقال ارفع من دابتك والرفع نقيض الخفض في كل شيء والرفعة نقيض الذلة والقواعد الأساس والأركان نظائر وواحد القواعد قاعدة وأصله في اللغة الثبوت والاستقرار فمن ذلك القاعدة من الجبل وهي أصله وقاعدة البناء أساسه الذي بني عليه وامرأة قاعدة إذا أتت عليها سنون لم تتزوج وإذا لم تحمل المرأة أو النخلة قيل قد قعدت فهي قاعدة وجمعها قواعد وتأويله أنها قد ثبتت على ترك الحمل وإذا قعدت عن الحيض فهي قاعدة بغيرها لأنه لا فعل لها في قعودها عن الحيض وقعدت المرأة إذا أتت بأولاد لئام فهي قاعدة وقيل في أن واحدة النساء القواعد قاعد قولان أحدهما: أنها من الصفات المختصة بالمؤنث نحو الطالق والحائض فلم يحتج إلى علامة التأنيث والآخر: وهو الصحيح أن ذلك على معنى النسبة أي ذات قعود كما يقال نابل ودارع أي ذو نبل وذو درع ولا يراد بذلك تثبيت الفعل. الإعراب: قولـه من البيت الجار والمجرور يتعلق بيرفع أو بمحذوف فيكون في محل النصب على الحال وذو الحال القواعد وموضع الجملة من قولـه: { ربنا تقبل منا } نصب بقول محذوف كأنه قال يقولان ربنا تقبل منا واتصل بما قبله لأنه من تمام الحال لأن يقولان في موضع الحال. المعنى: ثم بين سبحانه كيف بنى إبراهيم البيت فقال: { وإذ يرفع } وتقديره واذكر إذ يرفع { إبرهيم القواعد من البيت } أي أصول البيت التي كانت قبل ذلك عن ابن عباس وعطاء قالا قد كان آدم ع بناه ثم عفا أثره فجدده إبراهيم ع وهذا هو المروي عن أئمتنا ع. وقال مجاهد بل أنشأه إبراهيم ع بأمر الله عز وجل وكان الحسن يقول أول من حج البيت إبراهيم وفي روايات أصحابنا إن أول من حج البيت آدم ع وذلك يدل على أنه كان قبل إبراهيم. وروي عن الباقر أنه قال إن الله تعالى وضع تحت العرش أربع أساطين وسماه الضراح وهو البيت المعمور وقال للملائكة طوفوا به ثم بعث ملائكة فقال ابنوا في الأرض بيتاً بمثاله وقدره وأمر مَنْ في الأرض أن يطوفوا بالبيت. وفي كتاب العياشي بإسناده عن الصادق قال: إن الله أنزل الحجر الأسود من الجنة لآدم وكان البيت درة بيضاء فرفعه الله تعالى إلى السماء وبقي أساسه فهو حيال هذا البيت وقال يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبداً فأمر الله سبحانه إبراهيم وإسماعيل أن يبنيا البيت على القواعد. وعن أمير المؤمنين ع: إن أول شيء نزل من السماء إلى الأرض لهو البيت الذي بمكة أنزله الله ياقوته حمراء ففسق قوم نوح في الأرض فرفعه وقولـه: { إسماعيل } أي يرفع إبراهيم وإسماعيل أساس الكعبة يقولان ربنا تقبل منا وفي حرف عبد الله بن مسعود ويقولان ربنا تقبل منا ومثله قولـه سبحانه

السابقالتالي
2 3