الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ لَيْسَتِ ٱلنَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ ٱلنَّصَارَىٰ لَيْسَتِ ٱلْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ ٱلْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ }

اللغة: القيامة مصدر إلا أنه صار كالعلم على وقت بعينه وهو الوقت الذي يبعث الله عز وجل فيه الخلق فيقومون من قبورهم إلى محشرهم تقول قام يقوم قياماً وقيامة مثل عاد يعود عياداً وعيادة. الإعراب: وهم يتلون جملة من مبتدأ وخبر منصوبة الموضع على الحال والعامل قالت وذو الحال اليهود والنصارى والكاف في كذلك يتعلق بيتلون أو بقال الذين وتقديره وهم يتلون الكتاب كتلاوتكم أو قال الذين لا يعلمون وهم المشركون كقول اليهود والنصارى ومثل صفة مصدر محذوف تقديره قولاً مثل قولـهم. النزول: قال ابن عباس إنه لما قدم وفد نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم اتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حرملة: ما أنتم على شيء وجحد نبوة عيسى وكفر بالإنجيل. فقال رجل من أهل نجران ليست اليهود على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله هذه الآية. المعنى: ثم بين سبحانه ما بين أهل الكتاب من الاختلاف مع تلاوة الكتاب فقال: { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء } في تدينهم بالنصرانية { وقالت النصارى ليست اليهود على شيء } في تدينهم باليهودية { وهم يتلون الكتاب } أي يقرأونه وذكر فيه وجهان أحدهما: أن فيه حل الشبهة بأنه ليس في تلاوة الكتاب معتبر في الإنكار لما لم يؤت على إنكاره ببرهان فلا ينبغي أن يدخل الشبهة بإنكار أهل الكتاب لملة الإسلام إذ كل فريق من أهل الكتاب قد أنكر ما عليه الآخر ثم بين أن سبيلهم كسبيل من لا يعلم الكتاب من مشركي العرب وغيرهم ممن لا كتاب لهم في الإنكار لدين الإسلام والوجه الآخر: الذم لمن أنكر ذلك من أهل الكتاب على جهة العناد إذ قد ساوى المعاند منهم للحي الجاهل به في الدفع له فلم ينفعه علمه. وقولـه: { كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولـهم } معناه أن مشركي العرب الذين هم جهال وليس لهم كتاب هكذا قالوا لمحمد وأصحابه أنهم ليسوا على شيء من الدين مثل ما قالت اليهود والنصارى بعضهم لبعض عن السدي ومقاتل وقيل معناه إن مشركي العرب قالوا بأن جميع الأنبياء وأممهم لم يكونوا على شيء وكانوا على خطأ فقد ساووكم يامعشر اليهود في الإنكار وهم لا يعلمون وقيل إن هولاء الذين لا يعلمون أمم كانت قبل اليهود والنصارى وقبل التوراة والإنجيل كقوم نوح وعاد وثمود قالوا لأنبيائهم لستم على شيء عن عطاء وقيل إنه الأصح أن المراد بقولـه كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولـهم أسلاف اليهود والمراد بقولـه: { وقالت اليهود ليست النصارى على شيء } هؤلاء الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه حكي قول مبطل بمبطل فلا يجوز أن يعطف عليه قول مبطل لمحق.

السابقالتالي
2