الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَزِيدُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ٱهْتَدَواْ هُدًى وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً } * { أَفَرَأَيْتَ ٱلَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً } * { أَطَّلَعَ ٱلْغَيْبَ أَمِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً } * { كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً } * { وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً } * { وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً } * { كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً }

القراءة: قرأ حمزة والكسائي وُلْداً بضم الواو وسكون اللام في هذه السورة أربعة مواضع وفي الزخرف إن كان للرحمان وُلد وفي نوح ووُلده فهذه ستة مواضع وقرأ أهل البصرة وابن كثير وخلف في سورة نوح بالضم فقط وقرأ الباقون بفتح الواو واللام في جميع القرآن. الحجة: قال الفراء من أمثال بني أسد:
وُلْدُكِ مَنْ دَمِّي عَقَبَيْكِ   
قال وكان معاذ الخرشي يقول لا يكون الولد إلاَّ جمعاً وهذا واحد يعني الذي في المثل وأنشد:
فَلَيْتَ فُلاَناً كان فِي بَطْنِ أُمِّهِ   وَلَيـْـتَ فُلاَنـــاً كَانَ وُلْدَ حِمَارِ
قال أبو علي يجوز أن يكون جمعاً كأسد وأُسْد ويجوز أن يكون واحداً فيكون وَلَد ووُلْد كحَزَن وحُزْن وعَرَب وعُرْب فلا يكون كقول معاذ أنه لا يكون إلاَّ جمعاً وما أنشده الفراء من قوله:
وليت فلاناً كان ولد حمار   
يدل على أنه واحد ليس بجمع فهو مثل الفلك الذي يكون مرة جمعاً ومرة واحداً. الإعراب: أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالاً وولداً الموصول هو المفعول الأول لرأيت والاستفهام في موضع المفعول الثاني وهو قوله تعالى: { أطَّلع الغيب } الآية قال الزجاج كلا زجر وردع وتنبيه أي هذا مما يرتدع به وينبّه على وجه الضلالة فيه وقال الفراء يكون صلة لما بعدها كقولك كلا ورب الكعبة وقال أبو حاتم جاءت في القرآن على وجهين بمعنى لا يكون ذلك وبمعنى إلاَّ التي للتنبيه وجاءت في مواضع متوجهة على التأويلين ويدل على ذلك أنها قد تكون مبتدأة مثل قوله:علَّم الإنسان ما لم يعلم } [العلق: 5] ثم ابتدأكلا إن الإنسان ليطغى } [العلق: 6] قال الأعشى:
كَلا زَعَمْتُمْ بِأَنَّا لاَ نُقَاتِلُكُمْ   إِنَّــا لأَمْثَالِكُمْ يَا قَوْمَنا قُتُلُ
وقال أبو العباس لا يوقف على كلا لأنها جواب والفائدة تقع فيما بعدها. وقيل: يجوز الوقف عليه. ومن مشكلات الوقف في القرآن الوقف على كلا وقد قسمه القرآن على أربعة أقسام أحدها: ما يحسن الوقف عليه ويحسن الابتداء به والثاني: يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء به والثالث: يحسن الابتداء به ولا يحسن الوقف عليه والرابع: لا يحسن الوقف عليه ولا الابتداء به. وهو في القرآن في ثلاثة وثلاثين موضعاً وليس في النصف الأول شيء منه. فأما القسم الأول: وهو ما يحسن الوقف عليه والابتداء به فعشرة مواضع قوله: { أم اتخذوا عند الرحمان عهداً كلا } وقوله: { ليكونوا لهم عزاً كلا } وقوله تعالى: { لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلا } وقوله: { الذين ألحقتم به شركاء كلا } وقوله: { ثم ينجيه كلا } وقوله: { أن يدخل جنة نعيم كلا } وقولـه: { أن أزيد كلا } وقوله: { صحفاً منشرة كلا } وقوله: { ربي أهانن كلا } وقوله: { أن ماله أخلده كلا } فمن جعل كلا في هذه المواضع رداً للأول بمعنى لا ليس الأمر كذلك وقف عليه ومن جعله بمعنى إلاَّ التي للتنبيه أو بمعنى حقاً ابتدأ به وهو يحتمل الوجهين في هذه المواضع.

السابقالتالي
2 3