الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱلرَّحْمَـٰنُ عِبَادَهُ بِٱلْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيّاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إِلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً } * { تِلْكَ ٱلْجَنَّةُ ٱلَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً } * { وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذٰلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً } * { رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَٱعْبُدْهُ وَٱصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً }

القراءة: قرأ رويس عن يعقوب نُوَرِّثُ بالتشديد والباقون نورث وفي بعض الروايات عن أبي عمرو هل تعلم يدغم اللام في التاء والأكثر الإظهار. الحجة: يقال أورثه وورثه بمعنى قال أبو علي يرى سيبويه أن إدغام اللام في التاء والدال والطاء والصاد والزاي والسين جائز لأن مخرج اللام قريب من مخارجهن وهي حروف طرف اللسان وأنشد لمزاحم العقيلي:
فـَــذَرْ ذَا وَلَكـِــنْ هَتُّعيــنُ مُتَيَّماً   عَلى ضَوْءِ بَرْقٍ آخِرَ اللَّيْلِ نَاصِبِ
الإعراب: جنات عدن بالنصب على البدل من قوله: { الجنة } وقوله: { بالغيب } في موضع الحال أي كائنة بالغيب وذو الحال جنات عدن وسلاماً استثناء منقطع فكأنه قال لا يسمعون فيها كلاماً يؤلمهم ولكن يسمعون سلاماً وما نتنزل إلاَّ بأمر ربك تقديره قل ما نتنزل فأضمر القول { له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك } قال أبو علي هذه الآية تدل على أن الأزمنة ثلاثة ماض وهو قوله ما بين أيدينا ومستقبل وهو قولـه وما خلفنا وحال وهو قوله وما بين ذلك { وما كان ربك نسياً رب السماوات والأرض } بدل من اسم كان وإن شئت كان خبر مبتدأ محذوف وإن شئت كان مبتدأ وقوله: { فاعبده } خبره وهذا على قول الأخفش دون سيبويه. النزول: قيل إن العاص بن وائل السهمي لم يعطِ أجرة أجير استعمله وقال لو كان ما يقوله محمد حقاً فنحن أولى بالجنة ونعيمها فحينئذ أوّفره أجره فنزل { تلك الجنة التي نورث } الآية. وقيل: احتبس الوحي أياماً لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فشقَّ ذلك عليه فلما أتاه جبرائيل استبطأه فنزلت { وما نتنزل إلاَّ بأمر ربك } الآية عن عكرمة والضحاك وقتادة والكلبي ومقاتل. المعنى: ثم وصف سبحانه الجنة فقال: { جنات عدن } أي جنات إقامة يقال عدن بالمكان إذا أقام به ووحَّد في الآية المتقدمة وجمع ها هنا فكأنه جنة تشتمل على جنات. وقيل: لأن لكل واحد من المؤمنين جنة تجمعها الجنة العظماء { التي وعد الرحمان عباده بالغيب } المراد بالعباد المؤمنون كما قال:فادخلي في عبادي وادخلي جنتي } [الفجر: 30] وقيل: إنه يتناول المؤمن والكافر ولكن بشرط رجوع الكافر عن كفره وقال بالغيب لأنهم غابوا عما فيها مما لا عين رأت ولا أُذن سمعت عن ابن عباس والمعنى أنه وعدهم أمراً لم يكونوا يشاهدونه فصدَّقوه وهو غائب عنهم. { إنه كان وعده } أي موعوده { مأتيا } أي آتيا لا محالة والمفعول هنا بمعنى الفاعل لأن ما آتيته فقد أتاك وما أتاك فقد أتيته يقال أتيت على خمسين سنة وأتت عليَّ خمسون سنة. وقيل: إن الموعود هو الجنة والجنة مأتية يأتيها المؤمنون. { لا يسمعون فيها لغواً } أي لا يسمعون في تلك الجنات القول الذي لا معنى له يستفاد وهو اللغو.

السابقالتالي
2 3