الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } * { فَٱخْتَلَفَ ٱلأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا لَـٰكِنِ ٱلظَّالِمُونَ ٱلْيَوْمَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ ٱلأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ ٱلأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

القراءة: قرأ أهل الكوفة وابن عامر وروح وزيد عن يعقوب وإن الله بكسر الهمزة والباقون بالفتح. الحجة: قال أبو علي حجة من كسر أنه جعله مستأنفاً كما أن المعطوف عليه مستأنف وحجة من فتح أنه حمله على قوله وأوصاني بالصَّلاة والزكاة وبأن الله ربي وربكم. الإعراب والمعنى: قولـه: { وإن الله ربي وربكم } من فتح الهمزة ففيه أربعة أوجه أحدها: أن المعنى وقضى أن الله ربي وربكم عن أبي عمرو بن العلاء والثاني: أنه معطوف على كلام عيسى أي وأوصاني بأن الله ربي وربكم والثالث: ذلك عيسى ابن مريم وذلك أن الله ربي وربكم عن الفراء والرابع: أن العامل فيه فاعبدوه والتقدير ولأن الله ربي وربكم. { فاعبدوه } فحذف الجار ومن كسر الهمزة جاز أن يكون معطوفاً على قوله: { قال إني عبد الله } أي وقال إن الله ربي وربكم وجاز أن يكون ابتداء كلام من الله تعالى أو أمر من الله لرسوله أن يقول ذاك. وقوله: { هذا صراط مستقيم } معناه هذا طريق واضح فالزموه. وقيل: إن المعنى هذا الذي أخبرتكم أن الله أمرني به هو الدين المستقيم الذي لا اعوجاج فيه. { فاختلف الأحزاب من بينهم } الاختلاف في المذهب أن يعتقد كل قوم خلاف ما يعتقده الآخرون والأحزاب جمع حزب وهو الجمع المنقطع في رأيه عن غيره وتحزبوا أي صاروا أحزاباً فالمعنى أن الأحزاب من أهل الكتاب اختلفوا في عيسى ع فقال قوم منهم هو الله وهم اليعقوبية وقال آخرون هو ابن الله وهم النسطورية وقال آخرون هو ثالث ثلاثة وهم الإسرائيلية وقال المسلمون هو عبد الله عن قتادة ومجاهد وإنما قال من بينهم لأن منهم من ثبت على الحق. وقيل: إن من زائدة والمعنى اختلفوا بينهم. { فويل } أي فشدة عذاب وهي كلمة وعيد { للذين كفروا } بالله بقولهم في المسيح { من مشهد يوم عظيم } المشهد بمعنى الشهود والحضور أي من حضورهم ذلك اليوم وهو يوم القيامة وسمي عظيماً لعظم أهواله. وقيل: ويل لهم من مجمع يوم أي من الفضيحة على رؤوس الجمع يومئذٍ. { أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا } قيل فيه وجهان أحدهما: أن التقدير صاروا ذوي سمع وبصر والجار والمجرور في موضع رفع لأنه فاعل أسمع والمعنى ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة وإن كانوا في الدنيا صمّاً وبكماً عن الحق عن الحسن ومعناه الإخبار عن قوة علومهم بالله تعالى في تلك الحال ومثله قوله:فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } [ق: 22] { لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين } يعني أن الكافرين في الدنيا آثروا الهوى على الهدى فهم في ذهاب عن الدين وعدول عن الحق والمراد أنهم في الدنيا جاهلون وفي الآخرة عارفون حيث لا تنفعهم المعرفة وقال أبو مسلم وهذا يدل على أن قوله سبحانه: { صم بكم عمي } ليس معناه الآفة في الأُذن واللسان والعين بل هو أنهم لا يتدبرون ما يسمعون ويرون ولا يعتبرون ألا ترى أنه جعل قوله: { لكن الظالمون اليوم في ضلال مبين } في مقابلته فأقام السمع والبصر مقام الهدى إذ جعله في مقابلة الضلال المبين.

السابقالتالي
2