الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي ٱلْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُواْ عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْراً } * { إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي ٱلأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً } * { فَأَتْبَعَ سَبَباً } * { حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ ٱلشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا يٰذَا ٱلْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً } * { قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً }

القراءة: قرأ ابن عامر وأهل الكوفة فَأتْبَع ثم أتْبَع بهمزة القطع وفتحها وتخفيف التاء وسكونها والباقون فاتَّبع بهمزة الوصل وتشديد التاء وفتحها وقرأ أبو جعفر وابن عامر وأهل الكوفة غير حفص حامية والباقون حمئه بغير ألف مهموز. الحجة: قال أبو علي تبع فعل يتعدّى إلى مفعول واحد فإذا نقلته بالهمزة تعدّى إلى مفعولين يدلك على ذلك قوله:وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة } [القصص: 42] وأما اتَّبع فإنه افتعل يتعدى إلى مفعول واحد كما يتعدى فعل إليه مثل حفرته واحتفرته وشويته واشتويته ومن قرأ فَاتْبَع سبباً تقديره فاتْبَع سبباً سبباً أو أتْبع أمره سبباً أو أتْبع ما هو عليه سبباً فحذف أحد المفعولين كما حذف في قوله لينذر بأساً شديداً ولا يكادون يفقهون قولاً والمعنى لينذر الناس بأساً شديداً ولا يكادون يفقهون أحداً قولاً ومن قرأ فَاتَّبع سبباً فالمعنى اتجه في كل وجه وجهناه له وأمرناه به السبب الذي ينال به صلاح ما مكن منه. وقال أبو عبيدة معناه اتبع طريقاً وأثراً ومن قرأ حمئة فعلى فعلة ومن قرأ حامية فهي فاعلة من حيث تحمي فهي حامية. وروي عن الحسن أنه قال: حارة. ويجوز فيمن قرأ حامية أن يكون فاعلة من الحماة فخفف الهمزة على قياس قول أبي الحسن فيقلبها ياء محضة وإن خففها على قول الخليل كانت بين بين قال سيبويه وهو قول العرب. اللغة: القرن قرن الشاة وغيرها وقرون الشعر الذوائب ومنه قول أبي سفيان ولا الروم ذوات القرون أراد قرون شعورهم لأنهم كانوا يطولونه والذكر حضور المعنى للنفس وقد يكون بالقلب وهو التفكر وقد يكون باللسان وكل ما وصل شيئاً إلى شيء فهو سبب يقال للطريق إلى الشيء سبب وللحبل سبب وللباب سبب والحمأة الطين الأسود يقال حمئت البئر تحمأ فهي حمئة إذا صار فيها الحمأة قال أبو الأسود:
تَجِيءُ بِمِلْئِها طَوْراً وَطَوْراً   تَجِـيءُ بِحَمْـأةٍ وَقَلِيـلِ ماءِ
وحمأت البئر أخرجت منه الحمأة وأحمأتها ألقيت فيها الحمأة. الإعراب: إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً أنْ مع الفعل في موضع نصب بفعل مضمر كما أن قوله فأما منا بعد وإما فداء كذلك ويجوز أن يكون أن مع الفعل في موضع المتبدأ والخبر مضمر أي إما العذاب واقع منك فيهم وإما اتخاذ أمر ذي حسن واقع منك فيهم فحذف الخبر لطول الكلام بالصلة وهذا أظهر والأول عن أحمد بن يحيى. المعنى: ثم بيَّن سبحانه قصة ذي القرنين فقال { ويسألونك } يا محمد { عن ذي القرنين } أي عن خبره وقصته لا عن شخصه واختلف فيه فقيل إنه نبي مبعوث فتح الله على يديه الأرض عن مجاهد وعبد الله بن عمر.

السابقالتالي
2 3