الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ فَوَجَدَا عَبْداً مِّنْ عِبَادِنَآ آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْماً } * { قَالَ لَهُ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً } * { قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً } * { قَالَ سَتَجِدُنِيۤ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِراً وَلاَ أَعْصِي لَكَ أمْراً } * { قَالَ فَإِنِ ٱتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْني عَن شَيءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا رَكِبَا فِي ٱلسَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً } * { قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً } * { فَٱنْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِيَا غُلاَماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } * { قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً }

القراءة: قرأ أبو عمرو ويعقوب رَشَداً بالفتح والباقون رُشْداً بضم الراء وسكون الشين وقرأ فلا تسألني مشددة النون مدني شامي والباقون خفيفة النون ولم يخالفوا في إثبات الياء فيه وصلا ووقفا لأنها مثبتة في جميع المصاحف وقرأ ليَغرَق بفتح الياء والراء أهلُها بالرفع كوفي غير عاصم والباقون لتُغرق بضم التاء أهلَها بالنصب وقرأ زكية بغير ألف كوفي وشامي وسهل والباقون زاكية وقرأ نُكُراً بضمتين مدني غير إسماعيل وأبو بكر ويعقوب وسهل وابن ذكوان والباقون نُكْراً ساكنة الكاف. الحجة: قال أبو علي الرَشَد والرُشد لغتان وقد أجرى العرب كل واحد منهما مجرى الآخر فقالوا أَسَد وأُسْد وخَشَب وخُشْب فجمعوا فَعَلا على فُعُل أيضاً فُعْلٍ وذلك قوله:والفلك التي تجري في البحر } [البقرة: 164] وفي آية أُخرىفي الفلك المشحون } [الشعراء: 119] فهذا يدلك على أنهم أَجروهما مجرى واحد ومن قرأ فلا تسألنّي بالتشديد فإنه لما أدخل النون الثقيلة بني الفعل معها على الفتح قال والقراءة بالتاء في لتَغرَق أولى ليكون الفعل مسنداً إلى المخاطب كما كان المعطوف عليه كذلك وهو أخرقتها وهذا يأتي في معنى الياء أيضاً لأنهم إذا أغرقهم غرقوا وقوله نكراً فعل وهو من أمثلة الصفات قالوا ناقة أُجُد ومشية سُحُج فمن خفف ذلك كما يخفف نحو العنق والطنب والشغل فالتخفيف فيه مستمر. اللغة: الإِمر الداهية العظيمة قال الشاعر:
لَقَدْ لَقَي الأَقْرانُ مِنّي نُكْرا   داهِيَــةً دَهْيــاءَ إدّاً إمْرا
وهو مأخوذ من الأمر لأنه الفاسد الذي يحتاج أن يؤمر بتركه إلى الصلاح ومنه رجل إمرَّ كان ضعيف الرأي لأنه يحتاج أن يؤمر حتى يقوّى رأيه ومنه أَمِرَ أي كثروا ومعناه احتاجوا إلى من يأمرهم وينهاهم ومنه الأمر من الأمور أي الشيء الذي من شأنه أن يؤمر فيه. الإعراب: قوله رشداً يجوز أن ينتصب على أنه مفعول له ويكون المعنى هل أتبعك للرشد أو لطلب الرشد على أن تعلمني فيكون على أن تعلمني حالاً من قوله أتبعك ويجوز أن يكون قوله رشداً مفعولاً به وتقديره أتبعك على أن تعلمني رشداً مما علمته ويكون العلم الذي يتعدى إلى مفعول واحد فيتعدى بتضعيف العين إلى مفعولين والمعنى على أن تعلمني أمراً ذا رشد وعلماً ذا رشداً وخبراً نصب على المصدر والمعنى لم يخبره خبراً. المعنى: { فوجدا عبداً من عبادنا } أي صادف موسى وفتاه وأدركا عبداً من عبادنا قائماً على الصخرة يصلي وهو الخضر ع واسمه بليا بن ملكان وإنما سمي خضراً لأنه إذا صلى في مكان أخضرّ ما حوله وروي مرفوعاً أنه قعد على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء. وقيل: إنه رآه على طنفسة خضراء فسلم عليه فقال: وعليك السلام يا نبيَّ بني إسرائيل فقال له موسى: وما أدراك من أنا ومن أخبرك أنّي نبيٌّ قال: من دَلَّك عليَّ.

السابقالتالي
2 3 4