الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَٰهُ لاۤ أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً } * { فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ سَرَباً } * { فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَٰهُ آتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَـٰذَا نَصَباً } * { قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنْسَانِيهُ إِلاَّ ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي ٱلْبَحْرِ عَجَباً } * { قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصاً }

القراءة: قرأ حفص وما أنسانيهُ بضم الهاء وفي الفتح بما عاهد عليه الله بضم الهاء والباقون بكسر الهاء من غير بلوغ الياء إلا ابن كثير فإنه يثبت الياء في الوصل وقد تقدَّم القول في وجه ذلك. اللغة: لا أبرح أي لا أزال ولو كان معناه لا أزول كان محالاً لأنه إذا لم يزل من مكانه لم يقطع أرضاً قال الشاعر:
وَأَبْرَحُ ما أدامَ اللهُ قَوْمِي   رَخِيُّ الْبالِ مُنْتَطِقاً مُجِيدا
أي لا أزال والحقب الدهر والزمان وجمعه أحقاب قال الزجاج والحقب ثمانون سنة والسَرب المسلك والمذهب ومعناه في اللغة المحفور في الأرض لا نفاذ له ويقال للذاهب في الأرض سارب قال الشاعر:
أَنَّى سَرَبْتِ وَكُنْتِ غَيـْرَ سَـرُوبٍ   وَتَقَرُّبُ الأَحْــلام غَيْرُ قَــرِيبِ
والنصب والوصب والتعب نظائر وهو الوهن الذي يكون على الكَدّ. الإعراب: سرباً منصوب على وجهين: أحدهما: أن يكون مفعولاً ثانياً لاتخذ كما يقال اتخذت طريقي مكان كذا واتخذت طريقي في السرب والآخر: أن يكون مصدراً يدل عليه اتخذ سبيله في البحر فكأنه قال فسرب الحوت سرباً وقوله أن أذكره في موضع نصب بدل من الهاء في أنسانيه والمعنى وما أنساني أن أذكره إلا الشيطان وعجباً منصوب على وجهين أحدهما: أن يكون على قول يوشع اتخذ الحوت سبيله في البحر عجباً والآخر: أن يكون قال يوشع واتخذ سبيله في البحر فأجابه موسى ع فقال عجباً فكأنه قال أعجب عجباً وقصصاً وضع موضع الحال تقديره يقصان الأثر قصصاً والقصص اتباع الأثر وقال أحد المحققين عجباً في موضع حال تقديره قال ذلك متعجباً وقصصاً مصدر لفعل مضمر يدل عليه قوله فارتدا على آثارهما فإن معناه فاقتصا الأثر. النزول: ذكر علي بن إبراهيم في تفسيره قال لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشاً بخبر أصحاب الكهف قالوا أخبرنا عن العالم الذي أمر الله موسى ع أن يتبعه من هو كيف تبعه وما قصته فأنزل الله تعالى. المعنى: { وإذا قال موسى لفتاه } أكثر المفسرين على أنه موسى بن عمران وفتاه يوشع بن نون وسماه فتاه لأنه صَحَبه ولازمه سفراً وحضراً للتعلم منه. وقيل: لأنه كان يخدمه ولهذا قال له آتنا غداءنا وهو يوشع بن نون بن إفراثيم بن يوسف بن يعقوب وقال محمد بن إسحاق يقول أهل الكتاب إن موسى الذي طلب الخضر هو موسى بن ميشا بن يوسف وكان نبياً في بني إسرائيل قبل موسى بن عمران إلا أن الذي عليه الجمهور أنه موسى بن عمران ولأن إطلاقه يوجب صرفه إلى موسى بن عمران كما أن إطلاق محمد صلى الله عليه وسلم ينصرف إلى نبينا صلى الله عليه وسلم.

السابقالتالي
2 3 4