الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا } * { قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً } * { مَّاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً } * { وَيُنْذِرَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ وَلَداً } * { مَّا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلاَ لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِباً } * { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَسَفاً }

القراءة: قرأ أبو بكر برواية يحيى من لدنه بإشمام الدال الضم وكسر الهاء والنون وقرأ الباقون بضم الدال وسكون النون وفي الشواذ كبرت كلمة برفع كلمة قرأه يحيى بن يعمر والحسن وابن المحيصن وابن أبي إسحاق والثقفي والأعرج بخلاف وعمرو بن عبيد. الحجة: قال أبو علي في لدن ثلاث لغات لَدُن مثل سبع ويخفف الدال ويكون على ضربين أحدهما: أن يحذف الضمة من الدال فيقال لَدْن والآخر: أن يحذف الضمة من الدال وينتقل إلى اللام فيقال لُدْن مثل عُضْد في عَضُد وفي كلا الوجهين يجتمع في الكلمة ساكنان فمن قرأ من لُدْنِه بكسر النون فإن الكسرة فيه ليست كسرة إعراب وإنما هي كسرة لالتقاء الساكنين وذاك أن الدال أسكنت كما أسكنت الباء في سبع والنون ساكنة فالتقى الساكنان فكسر الثاني منهما فأما إشمام الدال الضمة فليعلم أن الأصل كان في الكلمة الضمة ومثل ذلك قولهم أنت تغرين وقولهم قيل أشمث الكسرة فيهما الضمة ليدل على أن الأصل فيهما التحريك بالضم وإن كان الإشمام في لدنه ليس في حركة خرجت إلى اللفظة وإنما هو بهيئة العضو لإخراج الضمة وأما الجار في قوله من لدنه فيحتمل ضربين أحدهما: أن يكون صفة متعلقاً بشديد والآخر: أن يكون صفة للنكرة وفيها ذكر للموصوف. اللغة: العَوج بالفتح فيما يرى كالقناة والخشبة وبالكسر فيما لا يرى شخصاً قائماً كالدين والكلام والقيم والمستقيم والباخع القاتل المهلك يقال بخع نفسه يبخعها بخعاً وبخوعاً قال ذو الرمة:
أَلا أَيُّهذَا البْاخِعُ الْوَجْدُ نَفْسَهُ   لِشَيْءٍ نَحَتْهُ عَنْ يَدَيْهِ الْمَقادِرُ
يريد نحَّته والأسف المبالغة في الحزن والغضب يقال أسف فهو آسف وأسيف قال الأعشى:
تَرى رَجُلاً مِنْهُمْ أَسِيفاً كَأَنـَّـهُ   يَضُمُّ إلى كَشْحَيْهِ كَفّاً مُخَضبَّا
قَيّماً نصب على الحَال من الكتاب والعامل فيه أنزل وقوله: { أن لهم أجراً } تقديره بأن لهم أجراً فحذف الجار وماكثين نصب على الحال في معنى خالدين وقوله كبرت كلمة اختلف في نصب كلمة فقال السراج: انتصب على تفسير المضمر على حد قولهم نعم رجلاً زيد والتقدير على هذا كبرت الكلمة كلمة ثم حُذف الأول لدلالة الثاني عليه ومثله كرم رجلاً زيد ولؤم صاحباً عمرو ويكون المخصوص بالتكبير في هذه المسألة محذوفاً لدلالة صفته عليه والتقدير كلمة تخرج من أفواههم أي كلمة خارجة من أفواههم فيكون مرفوعاً على وجهين أحدهما: أن يكون مبتدأ وما قبله الخبر والآخر: أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره هي كلمة تخرج وقيل انتصب كلمة على التمييز المنقول عن الفاعل على حد قولك تصببت عرقاً وتفقأت شحماً والأصل كبرت كلمتهم الخارجة من أفواههم قال الشاعر:
وَلَقَدْ عَلِمْتُ إذَا الرِياحُ تناوَحَتْ   هُــدْجَ الرِيــالَ تكُبُّهنَّ شِمالا

السابقالتالي
2 3