الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } * { وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقاً }

القراءة: قرأ ابن عامر وحده بالغداوة والباقون بالغداة وفي الشواذ قراءة الحسن ولا تعد عينيك وقراءة عمرو بن فائد من أغفلنا قلبه. الحجة: قال أبو علي أما غدوة فهو اسم موضوع للتعريف وإذا كان كذلك فلا ينبغي أن تدخل عليه الألف واللام كما لا تدخل على سائر الأعلام وإن كانت قد كتبت في المصحف بالواو ولم يدل على ذلك كما أنهم كتبوا الصلوة بالواو وهي ألف وحجة من أدخل اللام المعرفة عليها أنه قد يجوز وإن كانت معرفة أن تتنكر كما حكاه أبو زيد من أنهم يقولون لقيته فينة والفينة بعد الفينة ففينة مثل غدوة في التعريف بدلالة امتناع الانصراف وقد دخلت عليه لام التعريف وذلك أن يقدر من أمة كلها له مثل هذا الاسم فيدخل التنكير لذلك ويقوي هذا تثنية الأعلام وجمعها وقوله:
لا هيثــم الليلــة للمطــيِّ   
قولهم أما النضرة فلا نضرة لك فأجري مجرى ما يكون شائعاً في الجنس وكذلك الغدوة وأما قوله ولا تعد عينيك فإنه منقول من عدت عيناك إذا جاوزتا وهو من قولهم جاء القوم عدا زيداً أي جاوز بعضهم زيداً ثم نقل إلى أعديت عيني عن كذا أي صرفتها عنه قال الشاعر:
حَتّّى لَحِقْنا بِهِمْ تَعْدِي فَوارسُنا   كَـأَنَّنا رَعـْـنُ كفٍّ يَرْفَعُ الآلا
أي تعدى فوارسنا خيلهم عن كذا فحذف المفعول بعد المفعول أو تعديها من عدا الفرس أي جرى وعلى أن أصلهما واحد لأن الفرس إذا عدا فقد جاوز مكاناً إلى غيره وأما من قرأ من أغفلنا قلبه فمعناه ولا تطع من ظننا غافلين عنه وهو من قولهم أغفلت الرجل أي وجدته غافلاً قال الأعشى:
أَثْــوى وَقَصَّــرَ لَيْــلَةً لِيُزَوَّدا   فَمضى وَأَخْلَفَ مِنْ قُتَيْلَةَ مَوْعِدا
أي صادفه مخلفاً. اللغة: الفرط التجاوز للحق والخروج عنه من قولهم أفرط إفراطاً إذا أسرف والسرادق الفسطاط المحيط بما فيه ويقال السرادق ثوب يدار حول الفسطاط قال رؤبة:
يا حكَم بْنَ المُنْذِرِ بْنِ الجارُودْ   سُرادِقُ المَجْـدِ عَلْيـَـك مَمْدودْ
والمهل خثارة الزيت وقيل هو النحاس الذائب والمرتفق المتكأ من المرفق يقال ارتفق إذا اتكأ على مرفقه قال أبو ذؤيب:
باتَ الخَلِيُّ وَبِتُّ اللَّيلَ مُرْتَفِقاً   كأَنَّ عَيْنِي فِيها الصّابُ مَذْبُوحُ
ويقال إنه مأخوذ من الرفق والمنفعة. النزول: نزلت الآية الأولى في سلمان وأبي ذر وصهيب وعمار وخباب وغيرهم من فقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك أن المؤلفة قلوبهم جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم عيينة بن الحصين والأقرع بن حابس وذووهم فقالوا يا رسول الله إن جلست في صدر المجلس ونحيت عنا هؤلاء روائح صنانهم وكانت عليهم جبات الصوف جلسنا نحن إليك وأخذنا عنك فلا يمنعنا من الدخول عليك إلا هؤلاء فلما نزلت الاية قام النبي صلى الله عليه وسلم يلتمسهم فأصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله عز وجل فقال:

السابقالتالي
2 3