الرئيسية - التفاسير


* تفسير مجمع البيان في تفسير القرآن/ الطبرسي (ت 548 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقَالُواْ ٱبْنُواْ عَلَيْهِمْ بُنْيَاناً رَّبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ ٱلَّذِينَ غَلَبُواْ عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَّسْجِداً } * { سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِٱلْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ فَلاَ تُمَارِ فِيهِمْ إِلاَّ مِرَآءً ظَاهِراً وَلاَ تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِّنْهُمْ أَحَداً } * { وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَاْىءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً } * { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لأَقْرَبَ مِنْ هَـٰذَا رَشَداً }

اللغة: عثر على الشيء يعثر عثراً إذا طلع عليه وأعثرت عليه غيري والعاثور حفرة تحفر ليصطاد به الأسد يقول للرجل إذا تورط وقع في عاثور وأصله من العثار والمراء الجدال ماريت الرجل أماريه مراء. الإعراب: إذ يتنازعون يجوز أن يكون منصوباً بقوله أعثرنا أي أطلعنا عليهم في وقت المنازعة في أمرهم ويجوز أن يكون منصوباً بقوله ليعلموا وإنما دخلت الواو في قوله وثامنهم ولم يدخل في الأولين لأن ها هنا عطف جملة على جملة وهناك وصف النكرة بجملة فإن التقدير هم سبعة وهم ثلاثة فثلاثة مرفوع بأنه خبر مبتدأ محذوف ورابعهم كلبهم وصف لثلاثة وكذلك سادسهم كلبهم صفة لخمسة وهذا قول علي بن عيسى قال وفرق ما بينهما أن السبعة أصل للمبالغة في العدد لأن جلائل الأمور سبعة سبعة. وأقول قد وجدت لأبي علي الفارسي في هذا كلاماً طويلاً سألخصه لك وأهذّبه أفضل تهذيب. قال: إن الجملتين الملتبسة إحداهما بالأخرى وهي أن تكون غير أجنبية منها على ضربين أحدهما: أن تعطف بحرف العطف والآخر أن توصل بها بغير حرف العطف فما يوصل بها بما قبلها بغير حرف العطف من الجملة على أربعة أضرب أحدها: أن تكون صفة والآخر: أن تكون حالاً والثالث: أن تكون تفسيراً والرابع أن لا تكون على أحد هذه الأوجه الثلاثة لكن يكون في الجملة الثانية ذكر مما في الأولى أو ممن فيها. فالأول نحو مررت برجل أبوه قائم وبغلام يقوم ولا وجه لإدخال حرف العطف على هذا لأن الصفة تبين الموصوف وتخصّصه فلو عطفت لخرجت بالعطف من أن تكون صفة لأن العطف ليس الثاني وهو المعطوف فيه بالأول وإنما يشرك الثاني في إعراب الأول والصفة هو الموصوف في المعنى. وأما الثاني: وهو أن تكون حالاً فلا مدخل لحرف العطف عليه أيضاً لأن الحال مثل الصفة في أنها تفرق بين هيأتين أو هيآت كما أن الصفة تفرق بين موصوفين أو موصوفات وهي مثل المفعول في أنها تكون بعد كلام تام فكما لا يدخل الحرف العاطف بين الصفة والموصوف ولا بين المفعول وما عمل فيه كذلك لا يدخل بين الحال وذي الحال والجمل الواقعة موقع الحال إما أن تكون من فعل وفاعل أو من مبتدأ وخبر نحو رأيت زيداً يضحك وجاء زيد أبوه منطلق قال الشاعر:
وَلوْلا جَنانُ اللَّيْلِ ما آبَ عامِرٌ   إلى جَعْفَرٍ سِرْبالُهُ لَـمْ يُمَــزَّقِ
وأما الثالث: وهي الجملة التي تكون تفسيراً لما قبلها فنحو قوله وعد الله الذين آمنوا ثم قال لهم مغفرة وأجر عظيم فالمغفرة تفسير الوعد الذي وعدوا فأما قوله تعالىهل أدلكم على تجارة تنجيكم } [الصف: 10] ثم قال تؤمنون بالله فتؤمنون على لفظ الخبر ومعناه الأمر بدلالة قوله يغفر لكم وحسن أن يكون الأمر على لفظ الخبر لوقوعه كالتفسير لما قبله من ذكر التجارة وحكم التفسير أن يكون خبراً فلذلك حسن كون الأمر على لفظ الخبر هنا.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7